الاُلفة (تفصیلی) - الصفحه 8

ففي الخطبة القاصعة للإمام عليّ عليه السلام يفصّل الحديث عن هذه البركة ، وبنظرة تاريخيّة تحليليّة هامّة يرى أنّ ما حقَّقه دعاة الحقّ من انتصار وعزّة وسيادة إنَّما يعود إلى ما بينهم من اُلفة ووحدة كلمة ، وما اُصيبوا به من هزائم وذلّة وضعف إنّما كان بسبب ما حلّ بهم من فرقة واختلاف . ثمّ يشير إلى ما حقّقه الإسلام من انتصار بقيادة النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله ، فيقول :
فَانظُروا إلى مَواقِعِ نِعَمِ اللّهِ عَلَيهِم حينَ بَعَثَ إلَيهِم رَسولاً ، فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طاعَتَهُم ، وجَمَعَ عَلى دَعوَتِهِ اُلفَتَهُم ، كَيفَ نَشَرَتِ النِّعمَةُ عَلَيهِم جَناحَ كَرامَتِها ، وأسالَت لَهُم جَداوِلَ نَعيمِها ، وَالتَفَّتِ المِلَّةُ بِهِم في عَوائِدِ بَرَكَتِها ، فَأَصبَحوا في نِعمَتِها غَرِقينَ ، وفي خُضرَةِ عَيشِها فَكِهينَ . ۱
من هنا كانت أهمّ مسؤوليّات قادة الثقافة ورجال السياسة في المجتمعات الإسلاميّة ، التخطيط لتقارب القلوب وتآلفها أكثر فأكثر .
لقد كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله نفسه يعير أهمّية فائقة لهذا الأمر ، حتّى جاء في الرواية :
كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يُـقبِلُ بِوَجهِهِ وحَديثِهِ عَلى أشَرِّ القَومِ ؛ يَتَأَلَّفُهُم بِذلِكَ . ۲
ومتى ما أنفذ رجلاً إلى قوم ، كانت إحدى توصياته الأكيدة أن يسعى لتأليف القلوب . وقد واصل الإمام عليّ عليه السلام هذا الطريق حتّى قال :
ولَيسَ رَجُلٌ ـ فَاعلَم ـ أحرَصَ عَلى جَماعَةِ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله واُلفَتِها مِنّي . ۳
وإليكم النصوص الّتي استقينا منها هذه الخلاصة .

1.راجع : ص ۲۵۳ ح ۳۰۰۷ .

2.الشمائل المحمّدية : ص ۱۸۶ ح ۳۳۹ عن عمرو بن العاص .

3.راجع : ص ۲۵۶ ح ۳۰۰۹ .

الصفحه من 36