الأمل (تفصیلی) - الصفحه 20

فَإِنَّهُ يَقولُ :
«وعِزَّتي وجَلالي ، لَاَقطَعَنَّ أمَلَ كُلِّ مَن يُؤَمِّلُ غَيريِ بِاليَأسِ ، ولَأَكسُوَنَّهُ ثَوبَ المَذَلَّةِ فِي النّاسِ ، ولَاُبعِدَنَّهُ مِن قُربي ، ولَأَقَطَعَنَّهُ عَن وَصلي ، ولَاُخمِلَنَّ ۱ ذِكرَهُ حينَ يَرعى غَيري . أيُؤَمِّلُ ـ وَيلَهُ ـ لِشَدائِدِهِ غَيري وكَشفُ الشَّدائِدِ بِيَدي؟! ويَرجو سِوايَ وأنَا الحَيُّ الباقي ! ويَطرُقُ أبوابَ عِبادي وهِيَ مُغلَقَةٌ ويَترُكُ بابي وهُوَ مَفتوحٌ ! فَمَن ذَاالَّذي رَجاني لِكَثيرِ جُرمِهِ فَخَيَّبتُ رَجاءَهُ ؟!
جَعَلتُ آمالَ عِبادي مُتَّصِلَةً بي ، وجَعَلتُ رَجاءَهُم مَذخورا لَهُم عِندي ، ومَلَأتُ سَماواتي مِمَّن لا يَمَلُّ تَسبيحي ، وأمَرتُ مَلائِكَتي أن لا يُغلِقُوا الأَبوابَ بَيني وبَينَ عِبادي .
ألَم يَعلَم مَن فَدَحَتهُ ۲ نائِبَةٌ مِن نَوائِبي أن لا يَملِكَ أحَدٌ كَشفَها إلّا بِإِذني؟! فَلِمَ يُعرِضُ العَبدُ بِأَمَلِهِ عَنّي وقَد أعطَيتُهُ ما لَم يَسأَلني ، فَلَم يَسأَلني وسَأَلَ غَيري ؟ أفَتَراني أبتَدِئُ خَلقي مِن غَيرِ مَسألَةٍ ، ثُمَّ اُسألُ فَلا اُجيبُ سائِلي؟! أبَخيلٌ أنَا فَيُبَخِّلُني عَبدي؟ أوَلَيسَ الدُّنيا وَالآخِرَةُ لي؟ أوَلَيسَ الكَرَمُ وَالجودُ صِفَتي ؟ أوَلَيسَ الفَضلُ وَالرَّحمَةُ بِيَدي ؟ أوَلَيسَ الآمالُ لاتَنتَهي إلّا إلَيَّ ، فَمَن يَقطَعُها دوني؟ وما عَسى أن يُؤَمِّلَ المُؤَمِّلونَ مَن سِوايَ؟!
وعِزَّتي وجَلالي ، لَو جَمَعتُ آمالَ أهلِ الأَرضِ وَالسَّماءِ ثُمَّ أعطَيتُ كُلَّ واحِدٍ مِنهُم ، ما نَقَصَ مِن مُلكي بَعضُ عُضوِ الذَّرَّةِ ، وكَيفَ يَنقُصُ نائِلٌ أنَا أفَضتُهُ؟!
يا بُؤسا لِلقانِطينَ مِن رَحمَتي ، يا بُؤسا لِمَن عَصاني وتَوَثَّبَ عَلى مَحارِمي ، ولَم

1.الخامل : الخفيّ الساقط الذي لا نباهة له ، يقال : هو خامِل الذِّكر ، خَمَل يخمُل خُمولاً وأخملَه اللّه (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۲۲۱ «خمل») .

2.فَدَحَته : أثقَلَته (النهاية : ج ۳ ص ۴۱۹ «فدح») .

الصفحه من 82