الأمل (تفصیلی) - الصفحه 9

خيّرة وثقة بالنفس ، ثمّ إنّه بحاجة إلى سعي و ثبات وصبر و أناة ، وتوكّل على اللطيف المتعال وطلب العون منه .
وفي المقابل ، فإنّ من آفات بلوغ الآمال ، عدم تحديد الهدف من الحياة ، وعدم معرفة الحاجات الحقيقيّة والأماني الحقّة ، وعدم الاكتراث بالحياة الخالدة ، و انتياب حالات الكسل والجزع ، والانشغال بالأعمال الباطلة والمشاغل الضارّة ، والانحطاط الأخلاقي والعملي ، والأهمّ من كلّ ذلك عدم الاعتماد على المواهب الفطريّة الربّانيّة ، والاعتماد على ما سوى اللّه تعالى في الحياة ، وسوف تأتي لاحقا ـ في الفصل الثالث والرابع ـ الإشارة إلى تعاليم أهل البيت عليهم السلام وإرشاداتهم في هذا الخصوص .

رابعا : خطر طول الأمل

لقد بيّنّا آنفا أن الأمل رحمة إلهيّة مهداة إلى الإنسان ، فهو قوام الحياة ، ولكن قد يظنّ البعض أنّه طالما يجب على الإنسان أن يستفيد من هذه الرحمة والذخيرة الإلهيّة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، فلماذا تحذّر الروايات الشريفة من خطر طول الأمل ؟
للجواب على هذا التساؤل نقول : صحيح إنّ الأمل نعمة إلهيّة ، ولكن إذا لم توظّف هذه النعمة بالشكل الصحيح ، فإنّها ستنقلب ـ كغيرها من النعم الإلهيّة ـ إلى نقمة ، ممّا يؤدّي إلى تعاسة الإنسان وبؤسه .
إنّ الشرط الأوّل للإفادة من نعمة الأمل هو المعرفة ، فإذا لم يدرك المرء ولم يشخّص ما في هذه الدنيا من آمال عقلانيّة منطقيّة ممكنة الحصول ، فإنّه ينفق عمره في خيالات وأوهام لا تحقّق لها أبدا .
إنّ النقطة الجديرة بالتأمل هي أنّ الروايات قد استعرضت أسباب الآمال الباطلة والرغبات المذمومة وجذورها ، وحصرتها بالجهل والحماقة والغفلة ، والانحطاط الأخلاقي والسلوكي ، وحبّ الدنيا والشقاء ، هذا من جهة . ومن جهة اُخرى فقد عرضت آثار الآمال الباطلة وأضرارها وحصرتها بزوال العقل، وذهاب البصيرة،

الصفحه من 82