الإمامة (تفصیلی) - الصفحه 102

وَجَدَ طَعمَ حَلاوَةِ إيمانِهِ ، وعَلِمَ فَضلَ طَلاوَةِ إسلامِهِ ، لِأَنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى نَصَبَ الإِمامَ عَلَما لِخَلقِهِ ، وجَعَلَهُ حُجَّةً عَلى أهلِ مَوادِّهِ وعالَمِهِ ۱ ، وأَلبَسَهُ اللّهُ تاجَ الوَقارِ ، وغَشّاهُ مِن نورِ الجَبَّارِ ، يَمُدُّ بِسَببٍ إلَى السَّماءِ ، لا يَنقَطِعُ عَنهُ مَوادُّهُ ، ولا يُنالُ ما عِندَ اللّهِ إلّا بِجِهَةِ أسبابِهِ ، ولا يَقبَلُ اللّهُ أعمالَ العِبادِ إلّا بِمَعرِفَتِهِ ، فَهُوَ عالِمٌ بِما يَرِدُ عَلَيهِ مِن مُلتَبِساتِ الدُّجى ، ومُعَمَّياتِ السُّنَنِ ، ومُشَبِّهاتِ الفِتَنِ .
فَلَم يَزَلِ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى يَختارُهُم لِخَلقِهِ مِن وُلدِ الحُسَينِ عليه السلام مِن عَقِبِ كُلِّ إمامٍ ، يَصطَفيهِم لِذلِكَ ويَجتَبيهِم ، ويَرضى بِهِم لِخَلقِهِ ويَرتَضيهِم ، كُلَّما مَضى مِنهُم إمامٌ نَصَبَ لِخَلقِهِ مِن عَقِبِهِ إماما ، عَلَما بَيِّنا ، وهادِيا نَيِّرا ، وإماما قَيِّما ، وحُجَّةً عالِما ، أئِمَّةٌ مِنَ اللّهِ ، يَهدونَ بِالحَقِّ وبِهِ يَعدِلونَ ، حُجَجُ اللّهِ ودُعاتُهُ ورُعاتُهُ عَلى خَلقِهِ ، يَدينُ بِهَديِهِمُ العِبادُ ، وتَستَهِلُّ بِنورِهِمُ البِلادُ ، ويَنمو بِبَرَكَتِهِمُ التِّلادُ ۲ ، جَعَلَهُمُ اللّهُ حَياةً لِلأَنامِ ، ومَصابيحَ لِلظَّلامِ ، ومَفاتيحَ لِلكَلامِ ، ودَعائِمَ لِلإِسلامِ ، جَرَت بِذلِكَ فيهِم مَقاديرُ اللّهِ عَلى مَحتومِها .
فَالإِمامُ هُوَ المُنتَجَبُ المُرتَضى ، وَالهادِي المُنتَجى ، وَالقائِمُ المُرتَجى ، اصطَفاهُ اللّهُ بِذلِكَ وَاصطَنَعَهُ عَلى عَينِهِ فِي الذَّرِّ حينَ ذَرَأَهُ ، وفِي البَرِيَّةِ حينَ بَرَأَهُ ، ظِلّاً قَبلَ خَلقِ نَسَمةٍ عَن يَمينِ عَرشِهِ ، مَحبُوّا بِالحِكمَةِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَهُ ، اختارَهُ بِعِلمِهِ ، وَانتَجَبَهُ لِطُهرِهِ ، بَقيَّةً مِن آدَمَ عليه السلام ، وخِيَرَةً مِن ذُرِّيَّةِ نوحٍ ، ومُصطَفىً مِن آلِ إبراهيمَ ، وسُلالَةً مِن إسماعيلَ ، وصَفوَةً مِن عِترَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله .

1.قال العلّامة المجلسي قدس سره : «على أهلِ موادّه» ؛ المادّة : الزيادة المتّصلة ، أي الذين يصل إليهم رزقه تعالى وتربيته أو هداياته وتوفيقاته الخاصّة ، والضمير للّه ، وكذا في «عالمه» بفتح اللام ، وهو معطوف على المواد أو على الأهل عطف تفسير أو عطف الأعمّ على الأخصّ (مرآة العقول : ج ۲ ص۴۰۰) . وفي الغيبة للنعمانيوبحار الأنوار : «على أهل طاعته» بدل «على أهل موادّه وعالمه» .

2.التالد والتليد والتلاد : كلّ مال قديم (المصباح المنير : ص ۷۶ «تلد») .

الصفحه من 182