الإمامة (تفصیلی) - الصفحه 166

واجِبِ حَقِّهِ عَلَيهِم ، وَالإِقرارِ بِكُلِّ ما ذُكِرَ مِن تَصَرُّفِ الحالاتِ بِهِ وبِهِم ، ثُمَّ قالَ :
أنتَ أميرُنا ونَحنُ رَعِيَّتُكَ ، بِكَ أخرَجَنَا اللّهُ عز و جل مِنَ الذُّلِّ ، وبإعزازِكَ أطلَقَ عِبادَهُ مِن الغِلِّ ، فَاختَر عَلَينا وأمضِ اختِيارَكَ ، وَائتَمِر فَأَمضِ ائتِمارَكَ ۱ ، فَإِنَّكَ القائِلُ المُصَدَّقُ ، وَالحاكِمُ المُوَفَّقُ ، وَالمَلِكُ المُخَوَّلُ، لا نَستَحِلُّ في شَيءٍ مَعصِيَتَكَ ، ولا نَقيسُ عِلما بِعِلمِكَ ، يَعظُمُ عِندَنا في ذلِكَ خَطَرُكَ ، ويَجِلُّ عَنهُ في أنفُسِنا فَضلُكَ .
فَأَجابَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : إنَّ مِن حَقِّ مَن عَظُمَ جَلالُ اللّهِ في نَفسِهِ وجَلَّ مَوضِعُهُ مِن قَلبِهِ ، أن يَصغُرَ عِندَهُ ـ لِعِظَمِ ذلِكَ ـ كُلُّ ما سِواهُ ، وإنَّ أحَقَّ مَن كانَ كذلِكَ لَمَن عَظُمَت نِعمَةُ اللّهِ عَلَيهِ ولَطُفَ إحسانُهُ إلَيهِ ، فَإِنَّهُ لَم تَعظُم نِعمَةُ اللّهِ عَلى أحَدٍ إلّا زادَ حَقُّ اللّهِ عَلَيهِ عِظَما . وإنَّ مِن أسخَفِ حالاتِ الوُلاةِ عِندَ صالِحِ النّاسِ ، أن يُظَنَّ بِهِم حُبُّ الفَخرِ ، ويوضَعَ أمرُهُم عَلَى الكِبرِ ، وقَد كَرِهتُ أن يَكونَ جالَ في ظَنِّكُم أنّي اُحِبُّ الإِطراءَ ۲ وَاستِماعَ الثَّناءِ ، ولَستُ بِحَمدِ اللّهِ كذلِكَ ، وَلَو كُنتُ اُحِبُّ أن يُقالَ ذلِكَ لَتَرَكتُهُ انحِطاطا للّهِِ سُبحانَهُ عَن تَناوُلِ ما هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنَ العَظَمَةِ وَالكِبرياءِ ، ورُبَّما استَحلَى النّاسُ الثَّناءَ بَعدَ البَلاءِ ، فَلا تُثنوا عَلَيَّ بِجَميلِ ثَناءٍ لِاءِخراجي نَفسي إلَى اللّهِ وإلَيكُم مِنَ البَقِيَّةِ في حُقوقٍ لَم أفرُغ من أدائِها ، وفَرائِضَ لابُدَّ مِن إمضائِها ، فَلا تُكَلِّموني بِما تُكَلَّمُ بِهِ الجَبابِرَةُ ، ولا تَتَحَفَّظوا مِنّي بِما يُتَحَفَّظُ بِهِ عِندَ أهلِ البادِرَةِ ، ولا تُخالِطوني بِالمُصانَعَةِ ، ولا تَظُنّوا بِيَ استثِقالاً في حَقًّ قيلَ

1.ائتَمَر : أي شاور نفسه وارتأى قبل مواقعة الأمر ، وقيل : المؤتَمِر : الذي يهمّ بأمرٍ يفعله (النهاية : ج ۱ ص ۶۶ «أمر») .

2.أطريت فلانا : مدحته بأحسن ما فيه ، وقيل : بالغت في مدحه وجاوزت الحدّ (المصباح المنير : ص ۳۷۲ «طرو») .

الصفحه من 182