الإمامة (تفصیلی) - الصفحه 168

فَإِنَّ اللّهَ عز و جل لا يَخفى عَلَيهِ خافِيَةٌ ، ولا يَجوزُ عِندَهُ إلّا مُناصَحَةُ الصُّدورِ في جَميعِ الاُمورِ .
فَأَجابَهُ الرَّجُلُ ، ويُقالُ : لَم يُرَ الرَّجُلُ بَعدَ كَلامِهِ هذا لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَأَجابَهُ وقَد عالَ الَّذي ۱ في صَدرِهِ ، فَقالَ وَالبُكاءُ يَقطَعُ مَنطِقَهُ ، وغُصَصُ الشَّجا تُكَسِّرُ صَوتَهُ إعظاما لِخَطَرِ مَرزِئَتِهِ ووَحشَةً مِن كَونِ فَجيعَتِهِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ شَكا إلَيهِ هَولَ ما أشفى عَلَيهِ مِن الخَطَرِ العَظيمِ وَالذُّلِ الطَّويلِ في فَسادِ زَمانِهِ ، وَانقِلابِ حَدِّهِ ، وَانقِطاعِ ما كانَ مِن دَولَتِهِ ، ثُمَّ نَصَبَ المَسأَلَةَ إلَى اللّهِ عز و جل بِالاِمتِنانِ عَلَيهِ وَالمُدافَعَةِ عَنهُ بِالتَّفَجُّعِ وَحُسنِ الثَّناءِ ، فَقالَ :
يا رَبّانِيَّ العِبادِ ، ويا سَكَنَ البِلادِ ، أينَ يَقَعُ قَولُنا مِن فَضلِكَ ، وأينَ يَبلُغُ وَصفُنا مِن فِعلِكَ ، وأنّى نَبلُغُ حَقيقَةَ حُسنِ ثَنائِكَ ، أو نُحصي جَميلَ بَلائِكَ ، فَكَيفَ وبِكَ جَرَت نِعَمُ اللّهِ عَلَينا ، وعَلى يَدِكَ اتَّصَلَت أسبابُ الخَيرِ إلَينا ، ألَم تَكُن لِذُلِّ الذَّليلِ مَلاذا ، وَلِلعُصاةِ الكُفّارِ إخوانا ۲ ؟ فَبِمَن إلّا بِأَهلِ بَيتِكَ وَبِكَ أخرَجَنَا اللّهُ عز و جل مِن فَظاعَةِ تِلكَ الخَطَراتِ ؟ أو بِمَن فَرَّجَ عَنّا غَمَراتِ الكُرُباتِ ؟ وبِمَن إلّا بِكُم أظهَرَ اللّهُ مَعالِمَ دينِنا ، وَاستَصلَحَ ما كانَ فَسَدَ مِن دُنيانا ، حَتَّى استَبانَ بَعدَ الجَورِ ذِكرُنا ، وقَرَّت مِن رَخاءِ العَيشِ أعيُنُنا ، لِما وَليتَنا بِالإِحسانِ جُهدَكَ ، ووَفَيتَ لَنا بِجَميعِ وَعدِكَ ، وقُمتَ لَنا عَلى جَميعِ عَهدِكَ ، فَكُنتَ شاهِدَ مَن غابَ مِنّا ، وخَلَفَ أهلِ البَيتِ لَنا ، وكُنتَ عِزَّ

1.عالَ الشيءُ فلانا : غَلَبَه وثقُل عليه وأهمّه (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۲۲ «عال») .

2.قال العلّامة المجلسي رحمه الله : أي كنت تعاشر من يعصيك ويكفر نعمتك معاشرة الإخوان شفقة منك عليهم ، أو المراد الشفقة على الكفّار والعصاة والاهتمام في هدايتهم . ويحتمل أن يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره ، وكان يلزمه رعايتهم بظاهر الشَّرع (مرآة العقول : ج ۲۶ ص ۵۳۱).

الصفحه من 182