الإمامة (تفصیلی) - الصفحه 55

وسياسيّة مقتدرة ، وقد أشارت جميع الروايات التي فسّرت الإمامة على أنّها «نظام الإسلام» أو «نظام المسلمين» ـ والتي أناطت إجراء الأحكام وتقدّم المجتمع الإسلامي بأئمّة الدين ـ إلى هذا النوع من فلسفة الإمامة والحكمة فيها. ۱
الحكمة الثانية: منع الفوضى
على الرغم من إلزام الإسلام المسلمين جميعا بتهيئة الأرضيّة لتأسيس حكومة الصالحين في الأرض، إلّا أنّه لا ينكر في جميع الظروف ضرورة وجود القيادة السياسيّة في المجتمع مهما كانت توجّهاتها الدينيّة، فهو لا يسمح للمجتمع الإسلامي أن يقف حياديّا أو مكتوف اليدين تجاه قضيّة هامّة كمسألة القيادة السياسيّة أو الاستسلام لحالات الفوضى. وإنّ جميع الروايات التي تؤكّد بصورة عامّة مبدأ القيادة السياسيّة في المجتمع ورجحانها على حالات الفوضى والفتنة ، فهي تشير إلى هذه الحكمة على نحو التّرتّب . ۲
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في بيان وجه الحكمة السياسيّة من وجود مطلق القيادة السياسيّة ، ردّا على من كان يرفع شعار : « لا حكم إلّا للّه » وهو شعار مصدره القرآن الكريم ، إلّا أنّ حَمَلَته أرادوا به التمرّد على حكم الإمام عليه السلام :
كَلِمَةُ حَقٍّ يُرادُ بِها باطِلٌ ! نَعَم ، إنَّهُ لا حُكمَ إلّا للّهِِ ، وَلكِنَّ هؤُلاءِ يَقولونَ : لا إمرَةَ إلّا للّهِِ ! وإنَّهُ لابُدَّ لِلنّاسِ مِن أميرٍ ؛ بَرٍّ أو فاجِرٍ ، يَعمَلُ في إمرَتِهِ المُؤمِنُ ، وَيَستَمتِعُ فيهَا الكافِرُ ، ويُبَلِّغُ اللّهُ فيهَا الأَجَلَ ، ويُجمَعُ بِهِ الفَيءُ ، ويُقاتَلُ بِهِ العَدُوُّ ، وتَأمَنُ بِهِ السُّبُلُ ، ويُؤخَذُ بِهِ لِلضَّعيفِ مِنَ القَوِيِّ ؛ حَتّى يَستَريحَ بَرٌّ ، ويُستَراحَ مِن فاجِرٍ. ۳
إنّ شعار «لا حُكمَ إلّا للّهِِ» شعار صحيح في نفسه ، ولكن حملته وهم «الخوارج»

1.راجع : ص ۱۶۳ ح ۳۹۵۱ و ۳۹۵۲ و ص ۱۶۵ ح ۳۹۵۶.

2.راجع : ص ۱۶۶ (الحكمة السياسية / الوقاية من الهرج) .

3.راجع : ص ۱۶۷ ح ۳۹۶۰ .

الصفحه من 182