الإمامة (تفصیلی) - الصفحه 56

استغلّوه من أجل هدف باطل ، وهو الإخلال بنظم المجتمع الإسلامي.
لقد كان الهدف الأساس من وراء شعار الخوارج ، النيل من وحدة المجتمع الإسلامي ، وذلك من خلال الإطاحة بالقيادة السياسيّة، والحال إنّ حفظ النظام واجب في جميع الأحوال:
إنَّ هؤُلاءِ قَد تَمالَؤوا عَلى سَخطَةِ إمارَتي، وسَأَصبِرُ ما لَم أخَف عَلى جَماعَتِكُم، فَإِنَّهُم إن تَمَّموا عَلى فَيالَةِ هذَا الرَّأيِ انقَطَعَ نِظامُ المُسلِمينَ. ۱
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ هذه الفكرة لم تكن لدى جميع الخوارج، بل كانت عند فرقة منهم ولم يكتب لها الاستمرار طويلاً في تاريخ الإسلام.
قال التفتازاني بعد نقل آراء الأشاعرة والمعتزلة وأتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام في وجوب نصب الإمام وكيفيّة نصبه:
قالت النجدات ـ قوم من الخوارج أصحاب نجدة بن عويمر ـ : إنّه ليس بواجب أصلاً . وقال أبو بكر الأصمّ من المعتزلة : لا يجب عند ظهور العدل والإنصاف لعدم الاحتياج ، ويجب عند ظهور الظالم . وقال هشام القوطي منهم بالعكس ؛ أي يجب عند ظهور العدل لإظهار شرائع الشرع. ۲
وقال ابن حزم الأندلسي عند قول «النجدات»:
وهذه فرقة ما نرى بقي منهم أحدا . ۳
وقال ابن أبي الحديد في ذلك:
فقال المتكلّمون كافّة : الإمامة واجبة ، إلّا ما يُحكى عن أبي بكر الأصمّ من قدماء أصحابنا أنّها غير واجبة ؛ إذا تناصفت الاُمّة ولم تتظالم . وقال المتأخّرون من

1.راجع : ص ۱۶۶ ح ۳۹۵۹ .

2.راجع : شرح المقاصد لسعد الدين التفتازاني : ج ۵ ص ۲۳۶ .

3.الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم : ج ۴ ص ۸۷ .

الصفحه من 182