الأمة (تفصیلی) - الصفحه 5

اختلافات بينهم ، وإنّما كانت الحالة السائدة بينهم هي الوحدة .
كان تدنّي المستوى الفكريّ للناس البدائيّين يُفضي إلى عدم الانتفاع كما ينبغي من تعاليم الأنبياء وتوجيهات القادة الدينيّين ، وهذا ما جعلهم يستجيبون لجانب من وظائفهم الإنسانيّة في ضوء ما تمليه عليهم فطرتهم الإلهيّة . فلم يكونوا في ضلال ، ولكنّهم في الوقت نفسه ما كانوا يسيرون في اتّجاه الرقيّ والتكامل ، وحسب ما وصفتهم الرواية :
كانوا قَبلَ نوحٍ عليه السلام اُمَّةً واحِدَةً عَلى فِطرَةِ اللّهِ ؛ لا مُهتَدينَ ولا ضُلّالاً . ۱
كانت الفطرة الإلهيّة للناس وتعاليم الأنبياء وأئمّة الدين من جهة ، والنوازع الذاتيّة ۲ ووساوس شياطين الجنّ والإنس ۳ من جهة اُخرى ، قد مهّدت الأرضيّة أمام رقيّ المجتمع البشري وتكاملهِ ، وهكذا غدا النّاس في بلاء عظيم ، ووقع بينهم الاختلاف .
في تلك الحقبة من حياة بني الإنسان ، كان الأنبياء مكلّفون ـ كجزء من مهمّتهم النبويّة ـ أن يتكفّلوا بمهمّة البتّ في الاختلافات التي تقع بين الناس ، استناداً إلى ما لديهم من أحكام وقوانين دينيّة .
فاستجابت ثلّة منهم لدعوة الأنبياء فنالوا السعادة ، ولكنّ أكثر الاُمم خضعت لتأثيرات نوازعها الذاتيّة والإيحاءات الشيطانيّة ، وفشلوا في ما تعرّضوا له من ابتلاء إلهي ، وهلكوا .

2 . عوامل تقدّم الاُمم وانهيارها

لقد بيّن القرآن الكريم والأحاديث الشريفة أهمّ عوامل رقيّ الاُمم وانهيارها ، من أجل أن تستقي الأجيال اللاحقة عبرةً من المصير الذي آلت إليه الاُمم السابقة .

1.. راجع : ص ۳۲۵ ح ۴۳۳۲ .

2.راجع : ص ۳۳۰ ح ۴۳۴۱ و ح ۴۳۴۳ .

3.راجع : الأنعام : ۱۲ .

الصفحه من 171