اهل البیت (تفصیلی) - الصفحه 357

ثُمَّ اعرِف أشباهَهُم مِن هذِهِ الاُمَّةِ الَّذينَ أقاموا حُروفَ الكِتابِ وحَرَّفوا حُدودَهُ ۱ ، فَهُم مَعَ السّادَةِ وَالكَبَرَةِ ۲ ، فَإِذا تَفَرَّقَت قادَةُ الأَهواءِ كانوا مَعَ أكثَرِهِم دُنيا ، وذلِكَ مَبلَغُهُم مِنَ العِلمِ ۳ . لايَزالونَ كَذلِكَ في طَبَعٍ وطَمَعٍ ، لايَزالُ يُسمَعُ صَوتُ إبليسَ عَلى ألسِنَتِهِم بِباطِلٍ كَثيرٍ . يَصبِرُ مِنهُمُ العُلَماءُ عَلَى الأَذى وَالتَّعنيفِ ، ويَعيبونَ عَلَى العُلَماءِ بِالتَّكليفِ ۴ . وَالعُلَماءُ في أنفُسِهِم خانَةٌ إن كَتَمُوا النَّصيحَةَ ، إن رَأَوا تائِها ضالّاً لايَهدونَهُ أو مَيِّتا لا يُحيونَهُ ، فَبِئسَ ما يَصنَعونَ ! لِأَنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى أخَذَ عَلَيهِمُ الميثاقَ فِي الكِتابِ أن يَأمُروا بِالمَعروفِ وبِما اُمِروا بِهِ ، وأن يَنهَوا عَمّا نُهوا عَنهُ ، وأن يَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى ولايَتَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ ، فَالعُلَماءُ مِنَ الجُهّالِ في جَهدٍ وجِهادٍ ؛ إن وَعَظَت قالوا : طَغَت ، وإن عَلِموا ۵ الحَقَّ الَّذي تَرَكوا قالوا : خالَفَت ، وإنِ اعتَزَلوهُم قالوا : فارَقَت ، وإن قالوا : هاتوا بُرهانَكُم عَلى ما تُحَدِّثونَ قالوا : نافَقَت ، وإن أطاعوهُم قالوا : عَصَيتَ اللّهَ عز و جل ، فَهَلَكَ جُهّالٌ فيما لايَعلَمونَ ، اُمِّيّونَ فيما يَتلونَ ، يُصَدِّقونَ بِالكِتابِ عِندَ التَّعريفِ ويُكَذِّبونَ بِهِ عِندَ التَّحريفِ ، فَلا يُنكَرونَ . اُولئِكَ أشباهُ الأَحبارِ وَالرُّهبانِ ، قادَةٌ فِي الهَوى ، سادَةٌ فِي الرَّدى .
وآخَرونَ مِنهُم جُلوسٌ بَينَ الضَّلالَةِ وَالهُدى ، لايَعرِفونَ إحدَى الطّائِفَتَينِ مِنَ

1.إنّما شبّه هؤلاء العباد وعلماء العوام المفتونين بالحُطام بالأحبار والرهبان لشرائهم الدنيا بالآخرة بكتمانهم العلم ، وتحريفهم الكلم عن مواضعه وأكلهم أموال الناس بالباطل ، وصدّهم عن سبيل اللّه ، كما أنّهم كانوا كذلك على ما وصفهم اللّه في القرآن في عدّة مواضع ، والمراد بالسادة والكبرة : السلاطين والحكّام وأعوانهم الظلمة (الوافي : ج ۲۶ ص ۹۳) .

2.والكثرة (خ ل) .

3.إشارة إلى الآية ۳۱ من سورة النجم . والطبع ـ بالتحريك ـ : الرين ، و ـ بالسكون ـ : الختم (كما في هامش الكافي) .

4.«منهم» أي من أشباه الأحبار والرهبان«العلماء» يعني العلماء باللّه الربّانيّين . «بالتكليف» يعني تكليفهم بالحقّ (الوافي : ج ۲۶ ص ۹۴) .

5.عملوا (خ ل) .

الصفحه من 540