ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَكاتُهُ .
ثُمَّ أقبَلَ الشَّيخُ بِوَجهِهِ عَلى أهلِ البَيتِ وقالَ : السَّلامُ عَلَيكُم ، ثُمَّ سَكَتَ ، حَتّى أجابَهُ القَومُ جَميعا ورَدّوا عَلَيهِ السَّلامَ ، ثُمَّ أقبَلَ بِوَجهِهِ عَلى أبي جَعفَرٍ عليه السلام ثُمَّ قالَ : يَا بنَ رَسولِ اللّهِ ، أدنِني مِنكَ جَعَلَنِي اللّهُ فِداكَ ، فَوَاللّهِ إنّي لَاُحِبُّكُم واُحِبُّ مَن يُحِبُّكُم ، ووَاللّهِ ما اُحِبُّكُم واُحِبُّ مَن يُحِبُّكُم لِطَمَعٍ في دُنيا ، وَاللّهِ إنّي لَاُبغِضُ عَدُوَّكُم وأبرَأُ مِنهُ ، ووَاللّهِ ما اُبغِضُهُ وأبرَأُ مِنهُ لِوَترٍ ۱ كانَ بَيني وبَينَهُ ، وَاللّهِ إنّي لَاُحِلُّ حَلالَكُم ، واُحَرِّمُ حَرامَكُم ، وأنتَظِرُ أمَرَكُم ، فَهَل تَرجو لي جَعَلَنِي اللّهُ فِداكَ ؟
فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : إلَيَّ إلَيَّ ، حَتّى أقعَدَهُ إلى جَنبِهِ ، ثُمَّ قالَ : أيُّهَا الشَّيخُ ، إنَّ أبي عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام أتاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَن مِثلِ الَّذي سَأَلتَني عَنهُ ، فَقالَ لَهُ أبي عليه السلام : إن تَمُت تَرِد عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وعَلى عَلِيٍّ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ وعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ ، ويَثلَج قَلبُكَ ، ويَبرُد فُؤادُكَ ، وتَقَرَّ عَينُكَ ، وتُستَقبَل بِالرَّوحِ وَالرَّيحانِ مَعَ الكِرامِ الكاتِبينَ لَو قَد بَلَغَت نَفسُكَ هاهُنا ـ وأهوى بِيَدِهِ إلى حَلقِهِ ـ ، وإن تَعِش تَرَ ما يُقِرُّ اللّهُ به عَينَكَ ، وتَكونُ مَعَنا فِي السَّنامِ الأَعلى .
فَقالَ الشَّيخُ : كَيفَ قُلتَ يا أبا جَعفَرٍ ؟ فَأَعادَ عَلَيهِ الكَلامَ ، فَقالَ الشَّيخُ : اللّهُ أكبَرُ يا أبا جَعفَرٍ ، إن أنَا مُتُّ أرِد عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وعَلى عَلِيٍّ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ وعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليهم السلام ، وتَقَرَّ عَيني ، ويَثلَج قَلبي ، ويَبرُد فُؤادي ، واُستَقبَل بِالرَّوحِ وَالرَّيحانِ مَعَ الكِرامِ الكاتِبينَ لَو قَد بَلَغَت نَفسي إلى هاهُنا ، وإن أعِش أرَ ما يُقِرُّ اللّهُ بِهِ عَيني فَأَكونَ مَعَكُم فِيالسَّنامِ الأَعلى !
ثُمَّ أقبَلَ الشَّيخُ يَنتَحِبُ ، يَنشِجُ ها ها ها حَتّى لَصِقَ بِالأَرضِ ، وأقبَلَ أهلُ البَيتِ يَنتَحِبونَ ويَنشِجون لِما يَرَونَ مِن حالِ الشَّيخِ ، وأقبَلَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام يَمسَحُ بِإِصبَعِهِ
1.الوَتْر بالفتح : الذحل وهو الحقد والعداوة (الصحاح : ج ۲ ص ۸۴۲ «وتر») .