اهل البیت (تفصیلی) - الصفحه 536

الَّذي قَضى فيما قَضى ، وسَطَّرَ فيما كَتَبَ ، أنَّهُ باعِثٌ فِي الاُمِيّينَ رَسولاً مِنهُم يُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ ويَدُلُّهُم عَلى سَبيلِ اللّهِ ، لا فَظٌّ ولا غَليظٌ ولا سَخّابٌ فِي الأَسواقِ ، ولا يَجزي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، ولكِن يَعفو ويَصفَحُ . اُمَّتُهُ الحَمّادونَ الَّذين يَحمَدونَ اللّهَ عَلى كُلِّ نَشزٍ ۱ ، وفي كُلِّ صُعودٍ وهُبوطٍ ، تَذِلُّ ألسِنَتُهُم بِالتَّهليلِ وَالتَّكبيرِ ، ويَنصُرُهُ اللّهُ عَلى كُلِّ مَن ناواهُ . فَإِذا تَوَفّاهُ اللّهُ اختَلَفَت اُمَّتُهُ ثُمَّ اجتَمَعَت ، فَلَبِثَت بِذلِكَ ما شاءَ .
ثُمَّ يَمُرُّ رَجُلٌ مِن اُمَّتِهِ بِشاطِئِ هذَا الفُراتِ ، يَأمُرُ بِالمَعروفِ ويَنهى عَنِ المُنكَرِ ، ويَقضي بِالحَقِّ ولا يوكِسُ ۲ الحُكمَ ، الدُّنيا أهوَنُ عَلَيهِ مِنَ الرَّمادِ في يَومٍ عَصَفَت بِهِ الرّيحُ ، وَالمَوتُ أهوَنُ عَلَيهِ مِن شُربِ الماءِ عَلَى الظَّماءِ ، يَخافُ اللّهَ فِي السِّرِّ ، ويَنصَحُ لَهُ فِي العَلانِيَةِ ، لا يَخافُ فِي اللّهِ لَومَةَ لائِمٍ ، فَمَن أدرَكَ ذلِكَ النَّبِيَّ مِن أهلِ هذِهِ البِلادِ فآمَنَ بِهِ كانَ ثَوابُهُ رِضواني ۳ وَالجَنَّةَ ، ومَن أدرَكَ ذلِكَ العَبدَ الصّالِحَ فَليَنصُرهُ ، فَإِنّ القَتلَ مَعَهُ شَهادَةٌ ، [ ثُمَّ قالَ لَهُ : ] فَأَنا مُصاحِبُكَ لا اُفارِقُكَ حَتّى يُصيبَني ما أصابَكَ .
قالَ : فَبَكى عَلِيٌّ وقالَ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم يَجعَلني عِندَهُ مَنسِيّا ، الحَمدُ للّهِِ الَّذي ذَكَرَني عِندَهُ في كُتُبِ الأَبرارِ . فَمَضَى الرّاهِبُ ، وكانَ فيما ذُكِرَ يَتَغَدّى مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ويَتَعَشّى ، حَتّى اُصيبَ بِصِفّينَ ، فَلَمّا خَرَجَ النّاسُ يَدفِنونَ قَتلاهُم ، قالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : اُطلُبوهُ ، فَلَمّا وَجَدَهُ صَلّى عَلَيهِ ودَفَنَهُ وقالَ : هذا مِنّا أهلَ البَيتِ ، وَاستَغفَرَ لَهُ مِرارا . ۴

1.النشز : المتن المرتفع من الأرض ، جمعه : أنشاز ونُشوز (لسان العرب : ج ۵ ص ۴۱۷ «نشز») .

2.الوكس : النقص (لسان العرب : ج ۶ ص ۲۵۷ «وكس») ، وفي «وقعة صفّين» : ولا يرتشي .

3.في المصدر «رضوان» ، والصواب ما أثبتناه كما في وقعة صفّين .

4.المناقب للخوارزمي : ص ۲۴۲ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۳ ص ۲۰۵ ، الفتوح : ج ۲ = ص ۵۵۶ كلاهما نحوه ؛ وقعة صفّين : ص ۱۴۷ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۳۲ ص ۴۱۶ ح ۳۸۷ .

الصفحه من 540