التّأنّي (تفصیلی) - الصفحه 9

عَطائِكَ المُتَعَرِّضونَ ، ولا يَشقى بِنَقِمَتِكَ المُستَغفِرونَ ، رِزقُكَ مَبسوطٌ لِمَن عَصاكَ ، وحِلمُكَ مُعتَرِضٌ لِمَن ناواكَ ، عادَتُكَ الإِحسانُ إلَى المُسيئينَ ، وسُنَّتُكَ الإِبقاءُ عَلَى المُعتَدينَ ، حَتّى لَقَد غَرَّتهُم أناتُكَ عَنِ الرُّجوعِ ، وصَدَّهُم إمهالُكَ عَنِ النُّزوعِ ، وإنَّما تَأَنَّيتَ بِهِم لِيَفيؤوا إلى أمرِكَ ، وأمهَلتَهُم ثِقَةً بِدَوامِ مُلكِكَ ، فَمَن كانَ مِن أهلِ السَّعادَةِ خَتَمتَ لَهُ بِها ، ومَن كانَ مِن أهلِ الشَّقاوَةِ خَذَلتَهُ لَها .
كُلُّهُم صائِرونَ إلى حُكمِكَ ، واُمورُهُم آئِلَةٌ إلى أمرِكَ ، لَم يَهِن عَلى طولِ مُدَّتِهِم سُلطانُكَ ولَم يَدحَض لِتَركِ مُعاجَلَتِهِم بُرهانُكَ .. . فَقَد ظاهَرتَ الحُجَجَ ، وأبلَيتَ الأَعذارَ ، وقَد تَقَدَّمتَ بِالوَعيدِ ، وتَلَطَّفتَ فِي التَّرغيبِ ، وضَرَبتَ الأَمثالَ ، وأطَلتَ الإِمهالَ ، وأخَّرتَ وأنتَ مُستَطيعٌ لِلمُعاجَلَةِ ، وتَأَنَّيتَ وأنتَ مَليءٌ بِالمُبادَرَةِ .
لَم تَكُن أناتُكَ عَجزا ، ولا إمهالُكَ وَهنا ، ولا إمساكُكَ غَفلَةً ، ولَا انتِظارُكَ مُداراةً ، بَل لِتَكونَ حُجَّتُكَ أبلَغَ ، وكَرَمُكَ أكمَلَ ، وإحسانُكَ أوفى ، ونِعمَتُكَ أتَمَّ . ۱

۷۴۵۹.عنه عليه السلامـ مِن دُعائِهِ فِي الاِستِقالَةِ ـ :سُبحانَكَ ما أعجَبَ ما أشهَدُ بِهِ عَلى نَفسي ! واُعَدِّدُهُ مِن مَكتومِ أمري ! وأعجَبُ مِن ذلِكَ أناتُكَ عَنّي ، وإبطاؤُكَ عَن مُعاجَلَتي ، ولَيسَ ذلِكَ مِن كَرَمي عَلَيكَ ، بَل تَأَنِّيا مِنكَ لي ، وتَفَضُّلاً مِنكَ عَلَيَّ لِأَن أرتَدِعَ عَن مَعصِيَتِكَ المُسخِطَةِ ، واُقلِعَ عَن سَيِّئاتِي المُخلِقَةِ ، ولِأَنَّ عَفوَكَ عَنّي أحَبُّ إلَيكَ مِن عُقوبَتي . ۲

1.. الصحيفة السجّادية : ص ۱۸۲ الدعاء ۴۶ ، المزار الكبير : ص ۴۵۸ ، جمال الاُسبوع : ص ۲۶۲ عن المتوكّل بن هارون عن الإمام الصادق عن أبيه عنه عليهم السلام ، مصباح المتهجّد : ص ۳۶۹ ح ۵۰۰ نحوه ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۶ ص ۱۷۹ عن الإمام عليّ وعنه عليهماالسلام .

2.. الصحيفة السجّادية : ص ۶۹ الدعاء ۱۶ ، المزار الكبير : ص ۱۵۸ وراجع : الصحيفة السجّادية : ص ۲۲ الدعاء ۱ و ص ۷۱ الدعاء ۱۶ و ص ۱۲۴ الدعاء ۳۱ والمزار الكبير : ص ۱۶۰ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۶ ص ۱۸۲ .

الصفحه من 24