البدعة (تفصیلی) - الصفحه 26

الشَّيطانِ ، لَتُثَبِّطُ ۱ القُلوبَ عَن تَنَبُّهِها، وتُذهِلُها عَن مَوجودِ الهُدى ومَعرِفَةِ أهلِ الحَقِّ إلّا قَليلاً مِمَّن عَصَمَ اللّهُ ، فَلَيسَ يَعرِفُ تَصَرُّفَ أيّامِها وتَقَلُّبَ حالاتِها وعاقِبَةَ ضَرَرِ فِتنَتِها إلّا مَن عَصَمَ اللّهُ ، ونَهَجَ سَبيلَ الرُّشدِ وسَلَكَ طَريقَ القَصدِ ، ثُمَّ استَعانَ عَلى ذلِكَ بِالزُّهدِ ، فَكَرَّرَ الفِكرَ وَاتَّعَظَ بِالعِبَرِ وَازدَجَرَ ، وزَهِدَ في عاجِلِ بَهجَةِ الدُّنيا ، وتَجافى عَن لَذّاتِها ، ورَغِبَ في دائِمِ نَعيمِ الآخِرَةِ وسَعى لَها سَعيَها ، وراقَبَ المَوتَ ، وشَنَأَ ۲ الحَياةَ مَعَ القَومِ الظّالِمينَ .
نَظَرَ إلى ما فِي الدُّنيا بِعَينٍ نَيِّرَةٍ حَديدَةِ البَصَرِ ، وأبصَرَ حَوادِثَ الفِتَنِ وضَلالَ البِدَعِ وجَورَ المُلوكِ الظَّلَمَةِ . فَلَقَد لَعَمرِي استَدبَرتُمُ الاُمورَ الماضِيَةَ فِي الأَيّامِ الخالِيَةِ مِنَ الفِتَنِ المُتَراكِمَةِ وَالاِنهِماكِ فيما تَستَدِلّونَ بِهِ عَلى تَجَنُّبِ الغَواةِ وأهلِ البِدَعِ ، وَالبَغيِ وَالفَسادِ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ . فَاستَعينوا بِاللّهِ وَارجِعوا إلى طاعَةِ اللّهِ ، وطاعَةِ مَن هُوَ أولى بِالطّاعَةِ مِمَّنِ اتُّبِعَ واُطيعَ . ۳

۸۰۹۹.الإمام الباقر عليه السلامـ في رِسالَتِهِ إلى سَعدِ الخَيرِ۴يَصِفُ فيهَا العُبّادَ وَالعُلَماءَ مِن هذِهِ الاُمَّةِ الَّذينَ ساروا بِكِتمانِ الكِتابِ وتَحريفِهِ ـ :اُولئِكَ أشباهُ الأَحبارِ ۵ وَالرُّهبانِ ۶ ، قادَةٌ فِي

1.التَّثبيطُ : هو التعويق والشُّغل عن المراد (النهاية : ج ۱ ص ۲۰۷ «ثبط») .

2.شَنَأهُ : أبغضه (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۱۹ «شنأه») .

3.الكافي : ج ۸ ص ۱۵ ح ۲، الأمالي للمفيد : ص ۲ ح ۳۳ كلاهما عن أبي حمزة الثمالي، تحف العقول : ص ۲۵۲، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۴۹ ح ۱۱ .

4.هو سعد بن عبد الملك الأُموي، ففي كتاب الاختصاص : ... عن أبي حمزة قال : دخل سعد بن عبد الملك على أبي جعفر عليه السلام ، فبينا ينشج كما تنشج النساء، قال : فقال له أبو جعفر عليه السلام : ما يبكيك يا سعد؟ قال : وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن؟! فقال له : لست منهم أنت اُمويُّ منّا أهل البيت، أما سمعت قول اللّه عز و جل يحكي عن إبراهيم عليه السلام : «فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى» . (معجم رجال الحديث : ج ۸ ص ۹۶) .

5.الأحبارُ : وهم العلماء، جمع حَبْر وحِبْر (النهاية : ج ۱ ص ۳۲۸ «حبر») .

6.الراهِبُ : واحد رُهبان النصارى، والتَرهُّبُ : التعبُّد (الصحاح : ج ۱ ص ۱۴ «رهب») .

الصفحه من 94