البدعة (تفصیلی) - الصفحه 74

العظمى من الرواة والفقهاء ۱ ، ولذلك فقد كانوا يسمّونه الأذان الأوّل . وممّا يجدر ذكره أنّ هذا الأذان سمِّي الأذان الثاني أيضاً ؛ لظهوره بعد الأذان الأصليّ وبعد النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله بسنوات . وعلى هذا الأساس فقد اُطلق على هذا الأذان المضاف الأذان الثالث ، أو النداء الثالث أيضا ؛ استناداً إلى إطلاق الأذان على الإقامة تغليبا ، أو لأنّه هو أيضاً نوع من الإعلام والأذان والنداء .
ولم تَنقل الروايات التاريخيّة والحديثيّة دليلاً من قبل مبدع هذا الأذان الإضافي ، وإنّما اكتفت بالقول : إنّ هذه الإضافة كانت عند ازدياد الناس وابتعاد بيوتهم .
ولعلّه يمكن القول ـ استناداً إلى ما ذكر، وإلى مكان هذا الأذان الذي كان خارج المدينة ، أو في الزوراء في سوق المدينة حسب أقوال الكثيرين ۲ ـ إنّ عثمان أراد من هذا الأذان المبكّر أن يُعلم المسلمين الساكنين في أطراف المدينة والأماكن البعيدة عن مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله بقرب وقت صلاة الجمعة ؛ كي يتهيّؤوا ويحضروا في المسجد منذ بداية الخطبتين ، ويصغوا إلى كلام الخليفة ۳ . وهذا الأمر نفسه هو الذي دفعه إلى تقديم خطبتي صلاة العيد ؛ ذلك لأنّ الناس كانوا يعترضون على أعمال عثمان وسيرته ولم يكونوا يعيرون أهمّية لكلامه .

1.وصلنا قول عن ابن إدريس الحلّي والتركماني أيضاً ، نقلاً عن العلّامة الأميني يظهر أنّه اعتبر هذا الأذان المضاف بعد الأذان الأصلي ، ووقته بعد الخطبتين ونزول إمام الجمعة : «ولا يجوز الأذان بعد نزوله مضافاً إلى الأذان الأوّل الذي عند الزوال ، فهذا هو الأذان المنهي عنه» (السرائر : ج ۱ ص ۲۹۵ وراجع : الغدير : ج ۸ ص ۱۲۶ وكشف الرموز : ج ۱ ص ۱۷۶) . أمّا الشهيد الأوّل فإنّه يعتبر هذا الرأي غريباً (البيان : ص ۱۰۶) .

2.كانت الزوراء ـ دار عثمان ـ في سوق المدينة (راجع : مجمع البيان : ج ۱۰ ص ۴۳۴ ومعجم البلدان : ج ۳ ص ۱۵۶) . ولكن البعض ـ مثل العلّامة الأميني ـ اعتبرها مجاورة لمسجد النبيّ صلى الله عليه و آله نقلاً عن قاموس اللغة وتاج العروس (الغدير : ج ۸ ص ۱۲۸) .

3.راجع : المصنّف لعبدالرزّاق : ج ۳ ص ۲۰۶ ح ۵۳۴۲ .

الصفحه من 94