البدعة (تفصیلی) - الصفحه 75

وممّا يعزّز هذا الاحتمال ، زمان حدوث هذا العمل ؛ ذلك لأنّ روايات المؤرّخين ۱ تفيد بأنّ إضافة الأذان كانت في السنة الثلاثين من الهجرة ، وهو التاريخ الذي يمثّل المنعطف بين عهدي خلافة عثمان ، ففي هذه السنة أخذ عثمان يتعرّض للانتقادات تدريجيّاً ، ولم يكن الناس يهتمّون بخطبه ومواعظه ولم يصغوا إليها .

الحكم الشرعي للأذان المضاف

يرى معظم محدِّثي أهل السنّة وفقهائهم أنّ إضافة هذا الأذان من حقّ الخليفة ولا يعتبرونها بدعة ، أو بدعة مذمومة على الأقلّ ، ويعتبر بعض الفقهاء الحديثَ المرسلَ : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي» دليلاً جيّداً على هذا الرأي . ۲
ولا يرى البعض أنّ هذه الإضافة أذان اصطلاحي يُعَدّ نوعاً من العبادة أو مقدّمة للعبادة المتمثّلة في الصلاة ، بل يعتبرونه مجرّدَ أذانٍ لغوي ؛ أي دعوة وتذكيراً عامّاً . ۳
وقد وافقهم في هذا الرأي بشكل إجمالي ومشروط عددٌ من فقهاء الشيعة الكبار ـ مثل : الشيخ الطوسي في المبسوط ، والمحقّق الحلّي، والمحقّق الأردبيلي ۴ ـ ، فلم يعتبروه بدعة ، رغم أنّه من الممكن اعتباره مكروهاً كما فعل ذلك المحقّق الحلّي ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لم يفعله ولم يأمر به ، أو بسبب مشابهته للبدعة ؛ ذلك لأنّ اختيار الأذان لأمرٍ عاديٍّ ومتداول ـ مع أنّه يمثّل شعاراً مقدّساً ، وعبادة منزلة من السماء ، وأنّ شكله ومكانته توقيفيّان وبيد الشارع كما يقول الاُصوليّون ـ مخالفٌ لسيرة النبيّ صلى الله عليه و آله

1.راجع : تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۲۸۷ والكامل : ج ۲ ص ۲۵۳ والبداية والنهاية : ج ۷ ص ۱۵۶ .

2.راجع : الكافي لابن عبدالبر : ص ۷۴ وعمدة القاري : ج ۲۳ ص ۲۶۶ .

3.راجع : تلخيص الحبير : ج ۴ ص ۶۰۰ وفتح الباري : ج ۲ ص ۳۲۷ .

4.راجع : المبسوط : ج ۱ ص ۱۴۹ والمعتبر : ج ۲ ص ۲۹۶ ومجمع الفائدة والبرهان : ج ۲ ص ۳۷۷ .

الصفحه من 94