البدعة (تفصیلی) - الصفحه 76

والخلفاء الذين سبقوا عثمان ، ولذا نرى أنّ بعض فقهاء أهل السنّة ـ مثل الشافعي ـ لم يستحسنه . ۱

بحث حول الأذان قبل ظهر يوم الجمعة

وفي مقابل هذا القول اعتبر معظم فقهاء الشيعة الأذانَ الثالثَ بدعةً ، واستند بعضهم إلى حديث حفص بن غياث عن الإمام الصادق عليه السلام ، حيث قال :
الأَذانُ الثّالِثُ يَومَ الجُمُعَةِ بِدعَةٌ . ۲
كما استدلّوا على رأيهم بقول ابن عمر : «الأذان الأوّل يوم الجمعة بدعة» ۳ . وكذلك قول الحسن : «النداء الأوّل يوم الجمعة الذي يكون عند خروج الإمام ، والذي قبل ذلك محدَث» . ۴
وقد وجّهت بعض الانتقادات إلى هذه الأدلّة أيضاً ، فقد اعتبر البعض سند حديث حفص ضعيفاً ، ولا يرون عمل المشهور جابراً مطلقا ، أو اعتبروا نصّه مجملاً واعتبروا المراد منه النوع المحتمل من أذان صلاة عصر يوم الجمعة على الأقلّ ، والذي يصبح النداء الثالث بعد أذان صلاة الجمعة وإقامتها . ۵
ومن الجدير بالذكر أنّ بعض فقهاء أهل السنّة لا يعتبرون الاحتجاج بقول ابن عمر قطعيّاً ، وطرحوا احتمال قراءته بنحو الاستفهام الإنكاريّ ، وعلى تقدير قراءته بنحو الإخبار فإنّهم لم يعتبروه بدعة مذمومة وإنّما عدّوه من البدع المستحسنة .
وفي هذه الحالة ، فإنّ قول «الحسن» لا يمكن الاحتجاج به أيضاً ، إلّا أنّه من وجهة نظرنا لا يمكن قبول كلا القولين .

1.تذكرة الفقهاء : ج ۴ ص ۱۰۶ ؛ الاُمّ : ج ۱ ص ۲۲۴ وراجع : الاعتصام للشاطبي : ج ۲ ص ۱۶ .

2.الكافي : ج ۳ ص ۴۲۲ ح ۵ ، تهذيب الأحكام : ج ۳ ص ۱۹ ح ۶۷ .

3.المصنّف لابن أبي شيبة : ج ۲ ص ۴۸ ح ۳ . والمقصود هنا الأوّل حسب الزمان .

4.المصنّف لابن أبي شيبة : ج ۲ ص ۴۸ ح ۱ .

5.مجمع الفائدة والبرهان : ج ۲ ص ۳۷۷ .

الصفحه من 94