البداء (تفصیلی) - الصفحه 10

صريح حكم العقل .

عدم تعارض البداء والعلم الأزلي

الإشكال الأهمّ لمنكري البداء هو أنّه لا يتلاءم مع علم اللّه المطلق والذاتي ، يقول الغفّاري حول استناد الشيعة إلى الآية: «يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»:
كلامهم هذا باطل ؛ لأنّ المحو والإثبات بعلمه وقدرته وإرادته من غير أن يكون له بداء في شيء، وكيف يتوهّم له البداء وعنده أمُّ الكتاب وله في الأزل العلم المحيط؟ وقد بيّن اللّه تعالى في آخر الآية إنّ كلّ ما يكون منه من محو وإثبات وتغيير واقع بمشيئة ومسطور عنده في اُمِّ الكتاب . ۱
يجب أن نقول في الجواب : إنّ المقصود من البداء هو : «المحو والإثبات بعلمه وقدرته وإرادته» وإنّ ما تقولونه من أنّ : «المحو والإثبات بعلمه وقدرته وإرادته من غير أن يكون له بداء في شيء» هو جمع للنقيضين ؛ لأنّ معناه أنّ «للّه البداء من غير أن يكون له بداء في شيء»!
ومفروض كلام الغفاري أنّ مرجع البداء فيما يتعلّق باللّه هو الجهل ، لذلك يقول : «كيف يتوهّم له البداء وعنده اُمّ الكتاب وله في الأزل العلم المحيط ؟» .
في حين أنّ هذا الفرض خاطئ ومخالف لنصوص أحاديث الإماميّة الّتي نقلناها سابقا ، والتي تصرّح بأنّ البداء يصدر من العلم الإلهي المكنون المخزون ، وأنّ هذا العلم حاكم على جميع البداءات . وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام في هذا المجال:

1.. اُصول مذهب الشيعة : ج ۲ ص ۹۴۹ ـ ۹۵۰ .

الصفحه من 76