البغض (تفصیلی) - الصفحه 6

خطر مرض البغض

يعدّ البغض ـ كما مرّ ـ من الأمراض الخطيرة التي تهدّد حياة الإنسان المادية والمعنوية ، الفردية والاجتماعية ، الدنيوية والاُخروية . والحدّ الأدنى لأضرار هذا المرض هو أنّه يتسبّب في مرارة عَيش الإنسان ، وتَضيقُ الدنيا عليه :
ضاقَتِ الدُّنيا عَلَى المُتَباغِضينَ . ۱
ولذلك فإن العمل الذي يؤدّي إلى كشف العيوب الخفية للآخرين والتنفّر منهم ، يعدّ مذموماً ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام :
منَ تَتَبَّعَ خَفِيّاتِ العُيوبِ ، حَرَمَهُ اللّه ُ مَوَدّاتِ القُلوبِ . ۲
وجاء في رواية اُخرى عنه عليه السلام :
اُخبُر تَقلِهِ ۳ . ۴
ويقول الإمام الصادق عليه السلام في رواية :
خالِطِ النّاسَ تَخبُرهُم ، ومَتى تَخبُرهُم تَقلِهِم ۵ . ۶
وجاء في رواية اُخرى عنه عليه السلام :
لا تُفَتِّشِ النّاسَ ، فَتَبقى بِلا صَديقٍ . ۷
كما أنّ هذا المرض يؤدّي على الصعيد الاجتماعي إلى الاختلاف ، ويهيّئ الأرضية لزوال الحكومات . ۸
وأما أخطر آثار هذا المرض المضرّة ، فهي إبعاد الإنسان عن خالق العالم ، وزوال الإيمان من المجتمع الإسلامي . ۹

1.راجع : ص ۴۳۹ ح ۹۸۲۷.

2.غرر الحكم : ج ۵ ص ۳۷۱ ح ۸۸۰۰ .

3.قال الشريف الرضي رضى الله عنه في ذيل الحديث : ومن الناس من يروي هذا للرسول صلى الله عليه و آله . وممّا يقوّي أنّه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي : قال المأمون : لو لا أنّ عليّا قال : «اُخبر تقله» لقلت : اِقلِهِ تَخبُر . قال الشيخ محمد عبده في شرح الحديث : اُخبُر بضمّ الباء : أمرٌ مِن خَبَرتُهُ من باب قَتَلَ ، أي علمته . وتَقلِهِ مضارع مجزوم بعد الأمر ، وهاؤه للوقف ، من قَلاهُ يَقليهِ ، كَرَماهُ يرميهِ بمعنى أبغَضَهُ ، أي إذا أعجبك ظاهرُ الشخص فاختبره ، فربّما وجدت فيه ما لا يسرّك فتبغضه . ووجه ما اختاره المأمون أنّ المحبّة ستر للعيوب ، فإذا أبغضت شخصا أمكنك أن تعلم حاله كما هو (نهج البلاغة «بشرح الشيخ محمّد عبده» : الحكمة ۴۳۴) . وقال ابن أبي الحديد : (اختبره تقله) أي اختبر الناس وجرّبهم تبغضهم ، فإنّ التجربة تكشف لك من مساويهم وسوء أخلاقهم (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۲۰ ص ۸۰) .

4.نهج البلاغة : الحكمة ۴۳۴ ، بحار الأنوار : ج ۷۴ ص ۱۶۴ ح ۲۸ .

5.قال العلامة المجلسي قدس سره : قال الجزري : في حديث أبي الدرداء : «وَجَدتُ النّاسَ : اُخبُر تَقلِهِ» . القِلى : البغض . وقال الجوهري : إذا فتحت مددت ، يقول : جرّب الناس فإنّك إذا جرّبتهم قليتهم وتركتهم لما يظهر لك من بواطن سرائرهم ، لفظه لفظ الأمر ومعناه معنى الخبر ، أي من جرّبهم وخبرهم أبغضهم وتركهم ، والهاء في «تقله» للسكت ، ومعنى نظم الحديث : وجدت الناس مقولا فيهم هذا القول . انتهى . أقول : الظاهر أنّ الأمر الوارد في هذا الخبر أيضا كذلك ، أي متى خالطت الناس تخبرهم ، ومتى تخبرهم تقلهم ، فلا تخالطهم مخالطة شديدة تكون موجبة لقلاك لهم (مرآة العقول : ج ۲۶ ص ۶۳) .

6.الكافي : ج ۸ ص ۱۷۶ ح ۱۹۶ ، عدّة الداعي : ص ۲۱۸ كلاهما عن الحلبي ، بحار الأنوار : ج ۷۰ ص ۱۱۱ ح ۱۴ .

7.الكافي : ج ۲ ص ۶۵۱ ح ۲ .

8.راجع : ص ۴۴۰ (زوال الدولة) .

9.راجع : ص ۴۳۹ (البعد من اللّه عز و جل ) .

الصفحه من 66