۱۱۰۸۳.بحار الأنوار عن محمّد بن سنان :حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بنُ عُمَرَ قالَ : كُنتُ ذاتَ يَومٍ بَعدَ العَصرِ جالِسا فِي الرَّوضَةِ بَينَ القَبرِ وَالمِنبَرِ ، وأَنَا مُفَكِّرٌ في ما خَصَّ اللّهُ بِهِ سَيِّدَنا مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله مِنَ الشَّرَفِ وَالفَضائِلِ ، وما مَنَحَهُ وأَعطاهُ وشَرَّفَهُ بِهِ وحَباهُ مِمّا لا يَعرِفُهُ الجُمهورُ مِنَ الاُمَّةِ ، وما جَهِلوهُ مِن فَضلِهِ وعَظيمِ مَنزِلَتِهِ وخَطَرِ مَرتَبَتِهِ ، فَإِنّي لَكَذلِكَ إذ أقبَلَ ابنُ أبِي العَوجاءِ ، فَجَلَسَ بِحَيثُ أسمَعُ كَلامَهُ .
فَلَمَّا استَقَرَّ بِهِ المَجلِسُ إذا رَجُلٌ مِن أصحابِهِ قَد جاءَ فَجَلَسَ إلَيهِ ، فَتَكَلَّمَ ابنُ أبِي العَوجاءِ فَقالَ : لَقَد بَلَغَ صاحِبُ هذَا القَبرِ العِزَّ بِكَمالِهِ ، وحازَ الشَّرَفَ بِجَميعِ خِصالِهِ ، ونالَ الحُظوَةَ في كُلِّ أحوالِهِ .
فَقالَ لَهُ صاحِبُهُ : إنَّهُ كانَ فَيلَسوفا اِدَّعَى المَرتَبَةَ العُظمى وَالمَنزِلَةَ الكُبرى ، وأَتى عَلى ذلِكَ بِمُعجِزاتٍ بَهَرَتِ العُقولَ ، وضَلَّت فيهَا الأَحلامُ ، وغاصَتِ الأَلبابُ عَلى طَلَبِ عِلمِها في بِحارِ الفِكرِ ، فَرَجَعَت خاسِئاتٍ وهِيَ حَسيرٌ ، فَلَمَّا استَجابَ لِدَعوَتِهِ العُقَلاءُ وَالفُصَحاءُ وَالخُطَباءُ دَخَلَ النّاسُ في دينِهِ أفواجا ؛ فَقُرِنَ اسمُهُ بِاسمِ ناموسِهِ ، فَصارَ يُهتَفُ بِهِ عَلى رُؤوسِ الصَّوامِعِ ـ في جَميعِ البُلدانِ وَالمَواضِعِ الَّتِي انتَهَت إلَيها دَعوَتُهُ ، وعَلَت بِها كَلِمَتُهُ ، وظَهَرَت فيها حُجَّتُهُ ، بَرّا وبَحرا وسَهلاً وجَبَلاً ـ في كُلِّ يَومٍ ولَيلَةٍ خَمسَ مَرّاتٍ ، مُرَدَّدا فِي الأَذانِ وَالإِقامَةِ ؛ لِيَتَجَدَّدَ في كُلِّ ساعَةٍ ذِكرُهُ ، لِئَلّا يَخمُلَ أمرُهُ .
فَقالَ ابنُ أبِي العَوجاءِ : دَع ذِكرَ مُحَمَّدٍ ـ صلى الله عليه و آله ـ فَقَد تَحَيَّرَ فيهِ عَقلي ، وضَلَّ في أمرِهِ فِكري ، وحَدِّثنا في ذِكرِ الأَصلِ الَّذي يَمشي بِهِ . ثُمَّ ذَكَرَ ابتِداءَ الأَشياءِ ، وزَعَمَ أنَّ ذلِكَ بِإِهمالٍ لا صَنعَةَ فيهِ ولا تَقديرَ ، ولا صانِعَ لَهُ ولا مُدَبِّرَ ؛ بَلِ الأَشياءُ تَتَكَوَّنُ