تتمة التبلیغ (تفصیلی) - الصفحه 49

جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاءُ» 1 . فَقالَ : لَقَد هَداكَ اللّهُ .
ثُمَّ قالَ : اللّهُمَّ اهدِهِ ! ـ ثَلاثا ـ : سَل عَمّا شِئتَ يا بُنَيَّ . فَقُلتُ : إنَّ أبي واُمّي عَلَى النَّصرانِيَّةِ وأَهلَ بَيتي ، واُمّي مَكفوفَةُ البَصَرِ ، فَأَكونُ مَعَهُم وآكُلُ في آنِيَتِهِم ؟ فَقالَ : يَأكُلونَ لَحمَ الخِنزيرِ ؟ فَقُلتُ : لا ، ولا يَمَسّونَهُ . فَقالَ : لا بَأسَ ، فَانظُر اُمَّكَ فَبِرَّها ، فَإِذا ماتَت فَلا تَكِلها إلى غَيرِكَ ؛ كُن أنتَ الَّذي تَقومُ بِشَأنِها ، ولا تُخبِرَنَّ أحَدا أنَّكَ أتَيتَني ، حَتّى تَأتِيَني بِمِنى إن شاءَ اللّهُ .
قالَ : فَأَتَيتُهُ بِمِنى وَالنّاسُ حَولَهُ كَأَنَّهُ مُعَلِّمُ صِبيانٍ ؛ هذا يَسأَلُهُ ، وهذا يَسأَلُهُ ، فَلَمّا قَدِمتُ الكوفَةَ ألطَفتُ لِاُمّي ، وكُنتُ اُطعِمُها ، واُفَلّي ثَوبَها ورَأسَها ، وأَخدِمُها . فَقالَت لي : يا بُنَيَّ ، ما كُنتَ تَصنَعُ بي هذا وأَنتَ عَلى ديني ، فَمَا الَّذي أرى مِنكَ مُنذُ هاجَرتَ فَدَخَلتَ فِي الحَنيفِيَّةِ ؟ ! فَقُلتُ : رَجُلٌ مِن وُلدِ نَبِيِّنا أمَرَني بِهذا . فَقالَت : هذَا الرَّجُلُ هُوَ نَبِيٌّ ؟ فَقُلتُ : لا ، ولكِنَّهُ ابنُ نَبِيٍّ . فَقالَت : يا بُنَيَّ ، إنَّ هذا نَبِيٌّ ؛ إنَّ هذِهِ وَصايَا الأَنبِياءِ . فَقُلتُ : يا اُمَّه ، إنَّهُ لَيسَ يَكونُ بَعدَ نَبِيِّنا نَبِيٌّ ، ولكِنَّهُ ابنُهُ .
فَقالَت : يا بُنَيَّ ، دينُكَ خَيرُ دينٍ ، اِعرِضهُ عَلَيَّ . فَعَرَضتُهُ عَلَيها ، فَدَخَلَت فِي الإِسلامِ وعَلَّمتُها ، فَصَلَّتِ الظُّهرَ وَالعَصرَ وَالمَغرِبَ وَالعِشاءَ الآخِرَةَ . ثُمَّ عَرَضَ لَها عارِضٌ فِي اللَّيلِ ، فَقالَت : يا بُنَيَّ أعِد عَلَيَّ ما عَلَّمتَني . فَأَعَدتُهُ عَلَيها ، فَأَقَرَّت بِهِ وماتَت . فَلَمّا أصبَحَت كانَ المُسلِمونَ الذَّينَ غَسَّلوها ، وكُنتُ أنَا الَّذي صَلَّيتُ عَلَيها ونَزَلتُ في قَبرِها . 2

1.الشورى : ۵۲ .

2.الكافي : ج ۲ ص ۱۶۰ ح ۱۱ ، مشكاة الأنوار : ص ۲۷۸ ح ۸۳۹ بزيادة «الصلاة» بعد «علّمتها» ، بحار الأنوار : ج ۴۷ ص ۳۷۴ ح ۹۷ .

الصفحه من 82