البلاء (تفصیلی) - الصفحه 109

بِالرُّبوبِيَّةِ لَهُ ، وبِالنُّبُوَّةِ لِكُلِّ نَبِيٍّ ، فَكانَ أوَّلَ مَن أخَذَ لَهُ عَلَيهِمُ الميثاقَ بِنُبُوَّتِهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ قالَ اللّهُ عز و جل لِادَمَ : اُنظُر ماذا تَرى ؟ قالَ : فَنَظَرَ آدَمُ عليه السلام إلى ذُرِّيَّتِهِ وهُم ذَرٌّ ۱ قَد مَلَؤُوا السَّماءَ ، قالَ آدَمُ عليه السلام : يا رَبِّ ما أكثَرَ ذُرِّيَّتي ! ولِأَمرٍ ما خَلَقتَهُم ، فَما تُريدُ مِنهُم بِأَخذِكَ الميثاقَ عَلَيهِم ؟
قالَ اللّهُ عز و جل : يَعبُدُونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئا ، ويُؤمِنونَ بِرُسُلي ويَتَّبِعونَهُم .
قالَ آدَمُ عليه السلام : يا رَبِّ ، فَما لي أرى بَعضَ الذَّرِّ أعظَمَ مِن بَعضٍ ، وبَعضَهُم لَهُ نورٌ كَثيرٌ ، وبَعضَهُم لَهُ نورٌ قَليلٌ ، وبَعضَهُم لَيسَ لَهُ نورٌ ؟ !
فَقالَ اللّهَ عز و جل : كَذلِكَ خَلَقتُهُم لِأَبلُوَهُم في كُلِّ حالاتِهِم .
قالَ آدَمُ عليه السلام : يا رَبِّ ، فَتَأذَنُ لي فِي الكَلامِ فَأَتَكَلَّمَ ؟
قالَ اللّهُ عز و جل : تَكَلَّم ، فَإِنَّ روحَكَ مِن روحي ، وطَبيعَتَكَ مِن خِلافِ كَينونَتي .
قالَ آدَمُ : يا رَبِّ ، فَلَو كُنتَ خَلَقتَهُم عَلى مِثالٍ واحِدٍ ، وقَدرٍ واحِدٍ ، وطَبيعَةٍ واحِدَةٍ ، وجِبِلَّةٍ واحِدَةٍ ، وأَلوانٍ واحِدَةٍ ، وأَعمارٍ واحِدَةٍ ، وأَرزاقٍ سَواءٍ ، لَم يَبغِ بَعضُهُم عَلى بَعضٍ ، ولَم يَكُن بَينَهُم تَحاسُدٌ ولا تَباغُضٌ ، ولَا اختِلافٌ في شَيءٍ مِنَ الأَشياءِ .
قالَ اللّهُ عز و جل : يا آدَمُ ! بِروحي نَطَقتَ ، وبِضَعفِ طَبيعَتِكَ تَكَلَّفتَ ما لا عِلمَ لَكَ بِهِ ، وأَنَا الخالِقُ العالِمُ ، بِعِلمي خالَفتُ بَينَ خَلقِهِم ، وبِمَشيئَتي يَمضي فيهِم أمري ، وإلى تَدبيري وتَقديري صائِرونَ ، لا تَبديلَ لِخَلقي ، إنَّما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ لِيَعبُدونَ ، وخَلَقتُ الجَنَّةَ لِمَن أطاعَني وعَبَدَني مِنهُم وَاتَّبَعَ رُسُلي ولا اُبالي ، وخَلَقتُ النّارَ لِمَن

1.الذَرُّ : النسل (المصباح المنير : ص ۲۰۷ «ذرر») .

الصفحه من 118