البلاء (تفصیلی) - الصفحه 27

قُلتُ لَهُ : لَيسَ كُلُّ مَن يَسأَلُ مُستَحِقّاً ! فَقالَ : يا ثابِتُ ، أخافُ أن يَكونَ بَعضُ مَن يَسأَ لُنا مُحِقّا ۱ فَلا نُطعِمَهُ ونَرُدَّهُ ، فَيَنزِلَ بِنا أهلَ البَيتِ ما نَزَلَ بِيَعقوبَ وآلِهِ ، أطعِموهُم أطعِموهُم .
إنَّ يَعقوبَ كانَ يَذبَحُ كُلَّ يَومٍ كَبشاً ، فَيَتَصَدَّقُ مِنهُ ويَأكُلُ هُوَ وعِيالُهُ مِنهُ ، وإنَّ سائِلاً مُؤمِناً صَوّاماً مُحِقّا ۲ لَهُ عِندَ اللّهِ مَنزِلَةٌ ، وكانَ مُجتازاً غَريباً اعتَرَّ ۳ عَلى بابِ يَعقوبَ عَشِيَّةَ جُمُعَةٍ عِندَ أوانِ إفطارِهِ، يَهتِفُ عَلى بابِهِ : «أطعِمُوا السّائِلَ المُجتازَ الغَريبَ الجائِعَ مِن فَضلِ طَعامِكُم» ، يَهتِفُ بِذلِكَ عَلى بابِهِ مِراراً وهُم يَسمَعونَهُ وقَد جَهِلوا حَقَّهُ ولَم يُصَدِّقوا قَولَهُ ، فَلَمّا يَئِسَ أن يُطعِموهُ وغَشِيَهُ اللَّيلُ ، استَرجَعَ ۴ وَاستَعبَرَ وشَكا جوعَهُ إلَى اللّهِ عز و جل ، وباتَ طاوِياً ۵ ، وأَصبَحَ صائِماً جائِعاً صابِراً حامِداً للّهِِ ، وباتَ يَعقوبُ وآلُ يَعقوبَ شِباعاً بِطاناً ۶ ، وأَصبَحوا وعِندَهُم فَضلَةٌ مِن طَعامِهِم .
قالَ : فَأَوحَى اللّهُ عز و جل إلى يَعقوبَ في صَبيحَةِ تِلكَ اللَّيلَةِ : لَقَد أذلَلتَ يا يَعقوبُ عَبدي ذِلَّةً استَجرَرتَ بِها غَضَبي ، وَاستَوجَبتَ بِها أدَبي ونُزولَ عُقوبَتي وبَلوايَ عَلَيكَ وعَلى وُلدِكَ ، يا يَعقوبُ ! إنَّ أحَبَّ أنبِيائي إلَيَّ وأَكرَمَهُم عَلَيَّ مَن رَحِمَ مَساكينَ عِبادي وقَرَّبَهُم إلَيهِ وأَطعَمَهُم ، وكانَ لَهُم مَأوىً ومَلجَأً ، يا يَعقوبُ ! أما رَحِمتَ ذِميالَ عَبدِيَ المُجتَهِدَ في عِبادَتِي القانِعَ بِاليَسيرِ مِن ظاهِرِ الدُّنيا عِشاءَ أمسِ لَمَّا اعتَرَّ بِبابِكَ عِندَ أوانِ إفطارِهِ وهَتَفَ بِكُم : أطعِمُوا السّائِلَ الغَريبَ المُجتازَ القانِعَ ؟ فَلَم تُطعِموهُ

1.في بحار الأنوار : «مستحقّا» .

2.اعترّه واعترّ به : إذا أتاه فطلب معروفه (لسان العرب : ج ۴ ص ۵۵۷ «عرر») .

3.استرجع : أي قال : إنّا للّه وإنا إليه راجعون (لسان العرب : ج ۸ ص ۱۱۷ «رجع») .

4.الطوى : الجوع (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۱۵ «طوى») .

5.بَطِنَ ـ بالكسر ـ يبطن بطنا: عظم بطنه من الشبع (الصحاح: ج ۵ ص ۲۰۷۹ «بطن»).

الصفحه من 118