البلاء (تفصیلی) - الصفحه 28

شَيئاً ، فَاستَرجَعَ وَاستَعبَرَ وشَكا ما بِهِ إلَيَّ ، وباتَ طاوِياً حامِداً لي ، وأَصبَحَ لي صائِماً ، وأَنتَ يا يَعقوبُ ووُلدُكَ شِباعٌ ، وأَصبَحتَ وعِندَكُم فَضلَةٌ مِن طَعامِكُم !
أوَ ما عَلِمتَ يا يَعقوبُ أنَّ العُقوبَةَ وَالبَلوى إلى أولِيائي أسرَعُ مِنها إلى أعدائي ؟ وذلِكَ حُسنُ النَّظَرِ مِنّي لِأَولِيائي وَاستِدراجٌ مِنّي لِأَعدائي . أما وعِزَّتي ! لَاُنزِلُ عَلَيكَ بَلوايَ ، ولَأَجعَلَنَّكَ ووُلدَكَ غَرَضاً لِمَصابي 1 ، ولَاُوذِيَنَّكَ 2 بِعُقوبَتي ، فَاستَعِدّوا لِبَلوايَ ، وَارضَوا بِقَضائي، وَاصبِروا لِلمَصائِبِ .
فَقُلتُ لِعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام : جُعِلتُ فِداكَ مَتى رَأى يوسُفُ الرُّؤيا ؟ فَقالَ : في تِلكَ اللَّيلَةِ الَّتي باتَ فيها يَعقوبُ وآلُ يَعقوبَ شِباعاً وباتَ فيها ذِميالُ طاوِياً جائِعاً ، فَلَمّا رَأى يوسُفُ الرُّؤيا وأَصبَحَ يَقُصُّها عَلى أبيهِ يَعقوبَ ، فَاغتَمَّ يَعقوبُ لِما سَمِعَ مِن يوسُفَ مَعَ ما أوحَى اللّهُ عز و جل إلَيهِ أنِ استَعِدَّ لِلبَلاءِ ، فَقالَ يَعقوبُ لِيوسُفَ : لا تَقصُص رُؤياكَ هذِهِ عَلى إخوَتِكَ ؛ فَإِنّي أخافُ أن يَكيدوا لَكَ كَيداً . فَلَم يَكتُم يوسُفُ رُؤياهُ وقَصَّها عَلى إخوَتِهِ .
قالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : وكانَت أوَّلُ بَلوى نَزَلَت بِيَعقوبَ وآلِ يَعقوبَ الحَسَدَ لِيوسُفَ لَمّا سَمِعوا مِنهُ الرُّؤيا . قالَ : فَاشتَدَّت رِقَّةُ يَعقوبَ عَلى يوسُفَ ، وخافَ أن يَكونَ ما أوحَى اللّهُ عز و جلإلَيهِ مِنَ الاِستِعدادِ لِلبَلاءِ هُوَ في يوسُفَ خاصَّةً ، فَاشتَدَّت رِقَّتُهُ عَلَيهِ مِن بَينِ وُلدِهِ ، فَلَمّا رَأى إخوَةُ يوسُفَ ما يَصنَعُ يَعقوبُ بِيوسُفَ وتَكرِمَتَهُ إيّاهُ وإيثارَهُ إيّاهُ عَلَيهِمُ ، اشتَدَّ ذلِكَ عَلَيهِم ، وبَدَأَ البَلاءُ فيهِم ، فَتَآمَروا فيما بَينَهُم وقالوا : إنَّ يوسُفَ وأَخاهُ «أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ *

1.في بحار الأنوار : «لمصائبي» .

2.في بعض المصادر كالجواهر السنيّة : ص ۲۸ وتفسير نور الثقلين : ج ۲ ص ۴۱۲ : «ولَاُؤَدِّ بَنَّكَ» بدل «ولاُذينّك» وهو الأصحّ .

الصفحه من 118