البلاء (تفصیلی) - الصفحه 30

ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ » 1 ، فَلَمّا سَمِعَ مَقالَتَهُمُ استَرجَعَ وَاستَعبَرَ ، وذَكَرَ ما أوحَى اللّهُ عز و جل إلَيهِ مِنَ الاِستِعدادِ لِلبَلاءِ ، فَصَبَرَ وأَذعَنَ لِلبَلاءِ ، وقالَ لَهُم : « بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا » 2 . وما كانَ اللّهُ لِيُطعِمَ لَحمَ يوسُفَ لِلذِّئبِ مِن قَبلِ أن رَأى تَأويلَ رُؤياهُ الصّادِقَةِ .
قالَ أبو حَمزَةَ : ثُمَّ انقَطَعَ حَديثُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام عِندَ هذا ، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ غَدَوتُ عَلَيهِ فَقُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ ، إنَّكَ حَدَّثتَني أمسِ بِحَديثِ يَعقوبَ ووُلدِهِ ثُمَّ قَطَعتَهُ ، ما كانَ مِن قِصَّةِ إخوَةِ يوسُفَ وقِصَّةِ يوسُفَ بَعدَ ذلِكَ ؟
فَقالَ : إنَّهُم لَمّا أصبَحوا قالوا : انطَلِقوا بِنا حَتّى نَنظُرَ ما حالُ يوسُفَ ، أماتَ أم هُوَ حَيٌّ ، فَلَمَّا انتَهَوا إلَى الجُبِّ وَجَدوا بِحَضرَةِ الجُبِّ سَيّارَةً وقَد أرسَلوا وارِدَهُم فَأَدلى دَلوَهُ ، فَلَمّا جَذَبَ دَلوَهُ إذا هُوَ بِغُلامٍ مُتَعَلِّقٍ بِدَلوِهِ ، فَقالَ لِأَصحابِهِ : يا بُشرى ! هذا غُلامٌ ، فَلَمّا أخرَجوهُ أقبَلَ إلَيهِم إخوَةُ يوسُفَ فَقالوا : هذا عَبدُنا سَقَطَ مِنّا أمسِ في هذَا الجُبِّ ، وجِئنَا اليَومَ لِنُخرِجَهُ ! فَانتَزَعوهُ مِن أيديهِم ، وتَنَحَّوا بِهِ ناحِيَةً فَقالوا : إمّا أن تُقِرَّ لَنا أنَّكَ عَبدٌ لَنا فَنَبيعَكَ عَلى بَعضِ هذِهِ السَّيّارَةِ ، أو نَقتُلَكَ ، فَقالَ لَهُم يوسُفُ عليه السلام : لا تَقتُلوني وَاصنَعوا ما شِئتُم ، فَأَقبَلوا بِهِ إلَى السَّيّارَةِ فَقالوا : أمِنكُم مَن يَشتَري مِنّا هذَا العَبدَ ؟ فَاشتَراهُ رَجُلٌ مِنهُم بِعِشرينَ دِرهَماً ، وكانَ إخوَتُهُ فيهِ مِنَ الزّاهِدينَ .
وسارَ بِهِ الَّذي اشتَراهُ مِنَ البَدوِ حَتّى أدخَلَهُ مِصرَ ، فَباعَهُ الَّذِي اشتَراهُ مِنَ البَدوِ مِن مَلِكِ مِصرَ ، وذلِكَ قَولُ اللّهِ عز و جل : « وَ قَالَ الَّذِى اشْتَرَيهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَيهُ

1.يوسف : ۱۶ و ۱۷ .

2.يوسف : ۱۸ .

الصفحه من 118