البلاء (تفصیلی) - الصفحه 35

بَصَري ، وكانَ لَهُ أخٌ مِن اُمِّهِ كُنتُ آنَسُ بِهِ ، فَخَرَجَ مَعَ إخوَتِهِ إلى مُلكِكَ لِيَمتاروا ۱ لَنا طَعاماً ، فَرَجَعوا وذَكَروا أنَّهُ سَرَقَ صُواعَ المَلِكِ وأَنَّكَ حَبَستَهُ ، وإنّا أهلُ بَيتٍ لا يَليقُ بِنَا السَّرَقُ ولَا الفاحِشَةُ ، وأَنَا أسأَ لُكَ بِإِلهِ إبراهيمَ وإسحاقَ ويَعقوبَ ، إلّا مَنَنتَ عَلَيَّ بِهِ وتَقَرَّبتَ إلَى اللّهِ ورَدَدتَهُ إلَيَّ» .
فَلَمّا وَرَدَ الكِتابُ عَلى يوسُفَ أخَذَهُ ووَضَعَهُ عَلى وَجهِهِ وقَبَّلَهُ وبَكى بُكاءً شَديداً ، ثُمَّ نَظَرَ إلى إخوَتِهِ فَقالَ : « هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ » فَقالوا: «أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هَـذَا أَخِى قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ »۲ ، فَقالوا كَما حَكَى اللّهُ عز و جل : « لَقَدْ ءَاثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ » ، أي لا تَعييرَ « يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّ حِمِينَ »۳ .
قالَ : فَلَمّا وَلَّى الرَّسولُ إلَى المَلِكِ بِكِتابِ يَعقوبَ ، رَفَعَ يَعقوبُ يَدَيهِ إلَى السَّماءِ فَقالَ :
«يا حَسَنَ الصُّحبَةِ ، يا كَريمَ المَعونَةِ ، يا خَيرا كُلُّهُ ، ائتِني بِرَوحٍ مِنكَ وفَرَجٍ مِن عِندِكَ» .
فَهَبَطَ عَلَيهِ جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ لَهُ : يا يَعقوبُ ! ألا اُعَلِّمُكَ دَعَواتٍ يَرُدَّ اللّهُ عَلَيكَ بَصَرَكَ وَابنَيكَ ؟
قالَ : نَعَم ، قالَ : قُل :
«يا مَن لا يَعلَمُ أحَدٌ كَيفَ هُوَ إلّا هُوَ ، يا مَن شَيَّدَ السَّماءَ بِالهَواءِ ، وكَبَسَ الأَرضَ

1.يمتار : يجلب ، وأكثر استعماله في الطعام ( راجع : مجمع البحرين : ج ۴ ص ۲۵۳) .

2.يوسف : ۸۹ و ۹۰ .

3.يوسف : ۹۱ و ۹۲ .

الصفحه من 118