البلاء (تفصیلی) - الصفحه 39

اليَومَ ، فَمَكَثوا بِذلِكَ ما شاءَ اللّهُ .
ثُمَّ إنَّهُم عَتَوا عَلَى اللّهِ ، ومَشى بَعضُهُم إلى بَعضٍ وقالوا : اِعقِرُوا هذِهِ النّاقَةَ وَاستَريحوا مِنها ، لا نَرضى أن يَكونَ لَنا شِربُ يَومٍ ولَها شِربُ يَومٍ ، ثُمَّ قالوا : مَنِ الَّذي يَلي قَتلَها ونَجعَلَ لَهُ جُعلاً ۱ ما أحَبَّ؟ فَجاءَهُم رَجُلٌ أحمَرُ ... شَقِيٌّ مِنَ الأَشقِياءِ مَشؤومٌ عَلَيهِم ، فَجَعَلوا لَهُ جُعلاً ، فَلَمَّا تَوَجَّهَتِ النّاقَةُ إلَى الماءِ الَّذي كانَت تَرِدُهُ ، تَرَكَها حَتّى شَرِبَتِ الماءَ وأَقبَلَت راجِعَةً ، فَقَعَدَ لَها في طَريقِها فَضَرَبَها بِالسَّيفِ ضَربَةً فَلَم تَعمَل شَيئاً ، فَضَرَبَها ضَربَةً اُخرى فَقَتَلَها ، وخَرَّت إلَى الأَرضِ عَلى جَنبِها ، وهَرَبَ فَصيلُها حَتّى صَعِدَ إلَى الجَبَلِ ، فَرَغى ثَلاثَ مَرّاتٍ إلَى السَّماءِ ، وأَقبَلَ قَومُ صالِحٍ، فَلَم يَبقَ أحَدٌ مِنهُم إلّا شَرِكَهُ في ضَربَتِهِ ، وَاقتَسَموا لَحمَها فيما بَينَهُم ، فَلَم يَبقَ مِنهُم صَغيرٌ ولا كَبيرٌ إلّا أكَلَ مِنها .
فَلَمّا رَأى ذلِكَ صالِحٌ أقبَلَ إلَيهِم فَقالَ : يا قَومِ! ما دَعاكُم إلى ما صَنَعتُم ؟ أعَصَيتُم رَبَّكُم ؟
فَأَوحَى اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى إلى صالِحٍ عليه السلام : إنَّ قَومَكَ قَد طَغَوا وبَغَوا ، وقَتَلوا ناقَةً بَعَثتُها إلَيهِم حُجَّةً عَلَيهِم ، ولَم يَكُن عَلَيهِم فيها ضَرَرٌ ، وكانَ لَهُم مِنها أعظَمُ المَنفَعَةِ ، فَقُل لَهُم : إنّي مُرسِلٌ عَلَيكُم عَذابي إلى ثَلاثَةِ أيّامٍ ، فَإِن هُم تابوا ورَجَعوا قَبِلتُ تَوبَتَهُم وصَدَدتُ عَنهُم ، وإن هُم لَم يَتوبوا ولَم يَرجِعوا بَعَثتُ عَلَيهِم عَذابي فِي اليَومِ الثَّالِثِ .
فَأَتَاهُم صالِحٌ عليه السلام فَقالَ لَهُم : يا قَومِ ، إنّي رَسولُ رَبِّكُم إلَيكُم ، وهُوَ يَقولُ لَكُم :

1.الجُعلُ : الاُجرَةُ على الشيء فعلاً أو قولاً (النهاية : ج ۱ ص ۲۷۶ «جعل») .

الصفحه من 118