اللّه تعالى والإنسان ، فالامتحان الإلهي له هدف آخر ، فالإنسان يلجأ إلى الاختبار لاكتشاف الحقيقة بسبب قصور علمه ولكن هذا المعنى غير معقول بالنسبة إلى العالم المطلق ! وبناء على ذلك فإن للاختبار الإلهي معنى آخر .
يقول الراغب الإصفهاني في بيان معنى البلاء الإلهي :
وإذا قيلَ : اِبتَلى فُلانٌ كَذا وأَبلاهُ فَذلِكَ يَتَضَمَّنُ أمرَينِ : أحَدُهُما تَعَرُّفُ حالِهِ وَالوُقوفُ عَلى ما يُجهَلُ مِن أمرِهِ . وَالثّاني : ظُهورُ جَودَتِهِ ورَداءَتِهِ ، ورُبَّما قُصِدَ بِهِ الأَمرانِ ، ورُبَّما يُقصَدُ بِهِ أحَدُهُما ، فَإِذا قيلَ فِي اللّهِ تَعالى : بَلا كَذا وأَبلاهُ فَلَيسَ المُرادُ مِنهُ إلّا ظُهورَ جَودَتِهِ ورَداءَتِهِ ، دونَ التَّعَرُّفِ لِحالِهِ وَالوقوفِ عَلى ما يُجهَلُ مِن أمرِهِ إذ كانَ اللّهُ عَلّامَ الغُيوبِ . ۱
وإيضاح ذلك هو أنّ الامتحان والاختبار قد يكونان أحياناً بهدف الكشف عن حقيقة أمرٍ غير واضح للمختبِر ، ويكونان أحياناً لإماطة اللثام عن شيء تكون حقيقته واضحة للمختبر .
ويتحقّق النوع الثاني من الاختبار من خلال طريقين :
الطريق الأول : أن يكشف المختبر النقاب عن حقيقة ما بُغية أن تتّضح هذه الحقيقة كما هي .
الطريق الثاني : أن يهيّئ المختبِر الأرضيّة لنموّ شيء ورعايته إلى أن تتضح قابلياته وقدراته الكامنة على إثر نموّه وازدهاره ، مثل : تهيئة الظروف المطلوبة لنموّ حبّة أو نواة ما وتكاملها ، بحيث تكشف عن استعداداتها وخصوصياتها الكامنة .
والملاحظة التي تثير الاهتمام أنّ الاختبار في الصورة الثانية لا يعني الكشف عن السرّ الخفيّ ، بل يعني تنمية الاستعدادات الكامنة . وابتلاء اللّه ـ تعالى ـ للعباد هو بالمعنى الأخير بالضبط . وعلى هذا الأساس ، فإنّ فلسفة الاختبار الإلهي ،
1.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۱۴۶ .