ليست معرفة السر الخفيّ ، أو إظهاره للآخرين ، بل إنّ الحكمة منه هي تنمية الاستعدادات والقدرات الكامنة في الإنسان بإراداته واختياره .
وتوضيح أنّ تكامل الإنسان اختياري ، هو أنّه قد أودع في صلب وجوده منذ بدء الخليقة نوعين من القدرات المتضادة تسمّى إحداهما العقل ، والاُخرى الشهوة ، وهذا التركيب العجيب ، يهيّئ أرضية نموّ الإنسان بشكل بحيث يمكنه أن يتفوّق على الملائكة ، كما أنّ من شأنه أن يهيّئ أرضية انحطاطه حتى يغدو أدنى من البهائم ۱ ، والاختبار الإلهي ليس إلاّ إعداد أدوات وإمكانيات التكامل الاختياري ، أو الانحطاط الإرادي ۲ .
وقد جاء في رواية عن الإمام علي عليه السلام في تفسير قوله تعالى : « وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ »۳ يقول فيها :
أنَّهُ يَختَبِرُهُم بِالأَموالِ وَالأَولادِ ؛ لِيَتَبَيَّنَ السّاخِطَ لِرِزقِهِ وَالرّاضِيَ بِقِسمِهِ ، وإن كانَ سُبحانَهُ أعلَمَ بِهِم مِن أنفُسِهِم ، ولكِن لِتَظهَرَ الأَفعالُ الَّتي بِها يُستَحَقُّ الثَّوابُ وَالعِقابُ . ۴
كما جاء في رواية اُخرى عنه عليه السلام :
ألا إنَّ اللّهَ تَعالى قَد كَشَفَ الخَلقَ كَشفَةً ، لا أنَّهُ جَهِلَ ما أخفَوهُ مِن مَصونِ أسرارِهِم ومَكنونِ ضَمائِرِهِم ، ولكِن لِيَبلُوَهُم أيُّهُم أحسَنُ عَمَلاً ، فَيَكونَ الثَّوابُ جَزاءً ، وَالعِقابُ بَواءً ۵ . ۶
1.راجع : هذه الموسوعة: ج ۵ ص ۴۳۹ ( الفصل الأوّل :تعريف الإنسان / تركيب العقل والشهوة ) .
2.«كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلَاءِ وَ هَـؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَ مَا كَانَ عَطَـاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا » (الإسراء : ۲۰) .
3.الأنفال : ۲۸ .
4.راجع : ص ۱۷۲ ح ۱۱۱۹۲ .
5.قوله : «والعقاب بواءً»: أي مكافأةً (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۹ ص ۸۵ ) .
6.راجع : ص ۱۷۴ ح ۱۱۱۹۷.