البلاء (تفصیلی) - الصفحه 64

مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا» ؟ فَقالَتِ الطّائِفَةُ الَّتي وَعَظَتهُم : «مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» .
قالَ : فَقالَ اللّهُ جَلَّ وعَزَّ : «فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ» 1 ؛ يَعني لَمّا تَرَكوا ما وُعِظوا بِهِ مَضَوا عَلَى الخَطيئَةِ ، فَقالَتِ الطّائِفَةُ الَّتي وَعَظَتهُم : لا وَاللّهِ لا نُجامِعُكُم ولا نُبايِتُكُمُ اللَّيلَةَ في مَدينَتِكُم هذِهِ الَّتي عَصَيتُمُ اللّهَ فيها ؛ مَخافَةَ أن يَنزِلَ بِكُمُ البَلاءُ فَيَعُمَّنا مَعَكُم .
قالَ : فَخَرَجوا عَنهُم مِنَ المَدينَةِ ؛ مَخافَةَ أن يُصيبَهُمُ البَلاءُ ، فَنَزَلوا قَريبا مِنَ المَدينَةِ فَباتوا تَحتَ السَّماءِ ، فَلَمّا أصبَحَ أولِياءُ اللّهِ المُطيعونَ لِأَمرِ اللّهِ ، غَدَوا لِيَنظُروا ما حالُ أهلِ المَعصِيَةِ ، فَأَتَوا بابَ المَدينَةِ فَإِذا هُوَ مُصمِتٌ ، فَدَّقوهُ فَلَم يُجابوا ولَم يَسمَعوا مِنها خَبَرا واحِدا 2 ، فَوَضَعوا سُلَّما عَلى سورِ المَدينَةِ ثُمَّ أصعَدوا رَجُلاً مِنهُم فَأَشرَفَ عَلَى المَدينَةِ ، فَنَظَرَ فَإِذا هُوَ بِالقَومِ قِرَدَةً يَتَعاوَونَ .
فَقالَ الرَّجُلُ لِأَصحابِهِ : يا قَومِ! أرى وَاللّهِ عَجَبا ، قالوا : وما تَرى ؟ قالَ : أرَى القَومَ قَد صاروا قِرَدَةً يَتَعاوَونَ ولَها أذنابٌ . فَكَسَرُوا البابَ . قالَ : فَعَرَفَتِ القِرَدَةُ أنسابَها مِنَ الإِنسِ ولَم تَعرِفِ الإِنسُ أنسابَها مِنَ القِرَدَةِ ، فَقالَ القَومُ لِلقِرَدَةِ : ألَم نَنهَكُم ؟ !
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : وَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ! إنّي لَأَعرِفُ أنسابَها مِن هذِهِ الاُمَّةِ ، لا يُنكِرونَ ولا يُغَيِّرونَ ، بَل تَرَكوا ما اُمِرُوا بِهِ فَتَفَرَّقوا ، وقَد قالَ اللّهُ عز و جل : «فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» 3 ، فَقالَ 4 اللّهُ : «أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَـلَمُواْ بِعَذَابِم

1.الأعراف: ۱۶۵.

2.في بحار الأنوار : «حِسَّ أحَدٍ» بدل «خبرا واحِدا» .

3.المؤمنون : ۴۱ .

4.في تفسير العيّاشي : «وقال» بدل «فقال» .

الصفحه من 118