وَالإِمامَةَ وَالكِتابَ في ذُرِّيَّتِهِ يَتَلَقّاها آخِرٌ عَن أوَّلٍ ، ووَرَّثَهُ تابوتَ آدَمَ عليه السلام المُتَضَمِّنَ لِلحِكمَةِ وَالعِلمِ ، الَّذي فَضَّلَهُ اللّهُ عز و جل بِهِ عَلَى المَلائِكَةِ طُرّا .
فَنَظَرَ إبراهيمُ عليه السلام في ذلِكَ التّابوتِ فَأَبصَرَ فيهِ بُيوتا بِعَدَدِ ذَوِي العَزمِ مِنَ الأَنبِياءِ المُرسَلينَ وأَوصِيائِهِم مِن بَعدِهِم ، ونَظَرَهُم ۱ فَإِذا بَيتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله آخِرَ الأَنبِياءِ ، عَن يَمينِهِ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ آخِذٌ بِحُجزَتِهِ ۲ ، فَإِذا شَكلٌ عَظيمٌ يَتَلَألَأُ نورا ، فيهِ : هذا صِنوُهُ ووَصِيُّهُ المُؤَيَّدُ بِالنَّصرِ ، فَقالَ إبراهيمُ عليه السلام : إلهي وسَيِّدي! مَن هذَا الخَلقُ الشَّريفُ ؟ فَأَوحَى اللّهُ عز و جل : هذا عَبدي وصَفوَتِي الفاتِحُ الخاتِمُ ، وهذا وَصِيُّهُ الوارِثُ ، قالَ : رَبِّ ! مَا الفاتِحُ الخاتِمُ ؟ قالَ : هذا مُحَمَّدٌ خِيَرَتي ، وبِكرُ فِطرَتي ، وحُجَّتِي الكُبرى في بَرِيَّتي ، نَبَّأتُهُ وَاجتَبَيتُهُ إذ آدَمُ بَينَ الطّينِ وَالجَسَدِ ، ثُمَّ إنّي باعِثُهُ عِندَ انقِطاعِ الزَّمانِ لِتَكمِلَةِ ديني ، وخاتِمٌ بِهِ رِسالاتي ونُذُري ، وهذا عَلِيٌّ أخوهُ وصِدّيقُهُ الأَكبَرُ ، آخَيتُ بَينَهُما وَاختَرتُهُما وصَلَّيتُ وبارَكتُ عَلَيهِما ، وطَهَّرتُهُما وأَخلَصتُهُما وَالأَبرارَ مِنهُما وذُرِّيَّتَهُما قَبلَ أن أخلُقَ سَمائي وأَرضي وما فيهِما مِن خَلقي ، وذلِكَ لِعِلمي بِهِم وبِقُلوبِهِم ، إنّي بِعِبادي عَليمٌ ۳ خَبيرٌ .
قالَ : ونَظَرَ إبراهيمُ عليه السلام فَإِذَا اثنا عَشَرَ [عَظيماً] ۴ تَكادُ تَلَألَأُ أشكالُهُم لِحُسنِها نورا ، فَسَأَلَ رَبَّهُ عز و جل فَقالَ : رَبِّ نَبِّئني بِأَسماءِ هذِهِ الصُّوَرِ المُقرونَةِ بِصوَرةِ مُحَمَّدٍ ووَصِيِّهِ ؛ وذلِكَ لِما رَأى مِن رَفيعِ دَرَجاتِهِم وَالتِحاقِهِم بِشَكلَي مُحَمَّدٍ ووَصِيِّهِ عليهماالسلام ،
1.في بحار الأنوار : «ونظر» بدل «ونظرهم» .
2.أصل الحجزة : موضع شدّ الإزار ... فاستعار للاعتصام والالتجاء والتمسّك بالشيء والتعلّق به (النهاية : ج ۱ ص ۳۴۴ «حجز») .
3.في الطبعة المعتمدة : «عليهم» ، والتصويب من طبعة دار الكتب الإسلامية وبحار الأنوار .
4.ما بين المعقوفين أثبتناه من طبعة دار الكتب الإسلامية وبحار الأنوار .