المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 18

الخَلقِ إلَيهِ ، وهذانِ الطِّفلانِ ابنا بِنتِهِ مِن عَلِيٍّ ، وهُما مِن أحَبِّ الخَلقِ إلَيهِ ، وهذِهِ الجارِيَةُ بِنتُهُ فاطِمَةُ أعَزُّ النّاسِ عَلَيهِ وأَقرَبُهُم إلى قَلبِهِ .
فَنَظَرَ الاُسقُفُ إلَى العاقِبِ وَالسَّيِّدِ وعَبدِ المَسيحِ وقالَ لَهُم : اُنظُروا إلَيهِ قَد جاءَ بِخاصَّتِهِ مِن وُلدِهِ وأَهلِهِ لِيُباهِلَ بِهِم واثِقا بِحَقِّهِ ، وَاللّهِ ما جاءَ بِهِم وهُوَ يَتَخَوَّفُ الحُجَّةَ عَلَيهِ ، فَاحذَروا مُباهَلَتَهُ ، وَاللّهِ لَولا مَكانُ قَيصَرَ لَأَسلَمتُ لَهُ ، ولكِن صالِحوهُ عَلى ما يَتَّفِقُ بَينَكُم وبَينَهُ ، وَارجِعوا إلى بِلادِكُم وَارتَؤُوا لِأَنفُسِكُم . فَقالوا لَهُ : رَأيُنا لِرَأيِكَ تَبَعٌ .
فَقالَ الاُسقُفُ : يا أبَا القاسِمِ ، إنّا لا نُباهِلُكَ ولكِنّا نُصالِحُكَ ، فَصالِحنا عَلى ما نَنهَضُ بِهِ .
فَصالَحَهُمُ النَّبِيُ صلى الله عليه و آله عَلى ألفَي حُلَّةٍ مِن حُلَلِ الأَواقِيِّ ، قيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ أربَعونَ دِرهَما جِيادا ، فَما زادَ أو نَقَصَ كانَ بِحِسابِ ذلِكَ ، وكَتَبَ لَهُمُ النَّبِيُ صلى الله عليه و آله كِتابا بِما صالَحَهُم عَلَيهِ ، وكانَ الكِتابُ :
«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، هذا كِتابٌ مِن مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسولِ اللّهِ لِنَجرانَ وحاشِيَتِها ، في كُلِّ صَفراءَ وبَيضاءَ وثَمَرَةٍ ورَقيقٍ ، لا يُؤخَذُ مِنهُ شَيءٌ مِنهُم غَيرُ ألفَي حُلَّةٍ مِن حُلَلِ الأَواقِيِّ ، ثَمَنُ كُلِّ حُلَّةٍ أربَعونَ دِرهَما ، فَما زادَ أو نَقَصَ فَعَلى حِسابِ ذلِكَ ، يُؤَدّونَ ألفا مِنها في صَفَرٍ وأَلفا مِنها في رَجَبٍ ، وعَلَيهِم أربَعونَ دينارا مثواة رسولي مِمّا فَوقَ ذلِكَ ، وعَلَيهِم في كُلِّ حَدَثٍ يَكونُ بِاليَمَنِ مِن كُلِّ ذي عَدَنٍ ۱ عارِيَّةً مَضمونَةً ؛ ثَلاثونَ دِرعا وثَلاثونَ فَرَسا وثَلاثونَ جَمَلاً عارِيَّةً مَضمونَةً ، لَهُم بِذلِكَ جِوارُ اللّهِ وذِمَّةُ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ ، فَمَن أكَلَ الرِّبا مِنهُم بَعدَ عامِهِم هذا فَذِمَّتي مِنهُ بَريئَةٌ» .

1.عَدَنَ فلانٌ بالمكان : أقام ، وعَدَنتُ البلَدَ : تَوَطّنتُه (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۲۷۹ «عدن») .

الصفحه من 110