المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 23

مَقالٌ ، ولِكُلِّ عَصرٍ رِجالٌ ، وَالمَرءُ بِيَومِهِ أشبَهُ مِنهُ بِأَمسِهِ ، وهِيَ الأَيّامُ تُهلِكُ جيلاً وتُديلُ قَبيلاً ، وَالعافِيَةُ أفضَلُ جِلبابٍ ، ولِلآفاتِ أسبابٌ ، فَمِن أوكَدِ أسبابِهَا التَّعَرُّضُ لِأَبوابِها .
ثُمَّ صَمَتَ العاقِبُ مُطرِقا ، فَأَقبَلَ عَلَيهِ السَّيِّدُ وَاسمُهُ أهتَمُ بنُ النُّعمانِ ـ وهُوَ يَومَئِذٍ اُسقُفُّ نَجرانَ ، وكانَ نَظيرَ العاقِبِ في عُلُوِّ المَنزِلَةِ ، وهُوَ رَجُلٌ مِن عامِلَةَ وعِدادُهُ في لَخمٍ ، فَقالَ لَهُ : سَعَدَ جَدُّكَ وسَما جَدُّكَ أبا واثِلَةَ ، إنَّ لِكُلِّ لامِعَةٍ ضِياءٌ ، وعَلى كُلِّ صَوابٍ نورا ، ولكِن لا يُدرِكُهُ ـ وحَقِّ واهِبِ العَقلِ ـ إلّا مَن كانَ بَصيرا ، إنَّكَ أفضَيتَ وهذانِ فيما تصرّف بِكُمَا الكَلِمُ إلى سَبيلَي حَزَنٍ ۱ وسَهلٍ ، ولِكُلٍّ عَلى تَفاوُتِكُم حَظٌّ مِنَ الرَّأيِ الرَّبيقِ ۲ وَالأَمرِ الوَثيقِ إذا اُصيبَ بِهِ مَواضِعُهُ ، ثُمَّ إنَّ أخا قُرَيشٍ قَد نَجَدَكُم لِخَطبٍ عَظيمٍ وأَمرٍ جَسيمٍ ، فَما عِندَكُم فيهِ قولوا وأَنجِزوا ، أبُخوعٌ ۳ وإقرارٌ ، أم نُزوعٌ ؟
قالَ عُتبَةُ وَالهَديرُ ۴ وَالنَّفَرُ مِن أهلِ نَجرانَ : فَعادَ كُرزُ بنُ سَبرَةَ لِكَلامِهِ وكانَ كَمِيّا ۵ أبِيّا ، فَقالَ :
أنَحنُ نُفارِقُ دينا رَسَخَت عَلَيهِ عُروقُنا ، ومَضى عَلَيهِ آباؤُنا ، وعَرَفَ مُلوكُ النّاسِ ثُمّ العَرَبُ ذلِكَ مِنّا ؟ ! أنَتَهالَكُ إلى ذلِكَ أم نُقِرُّ بِالجِزيَةِ وهِيَ الخِزيَةُ حَقّا ؟ لا وَاللّهِ حَتّى نُجَرِّدَ البَواتِرَ مِن أغمادِها ، وتَذهَلَ الحَلائِلُ عَن أولادِها ، أو نَشرُقُ نَحنُ [و] ۶ مُحَمَّدٌ بِدِمائِنا ، ثُمَّ يُديلُ اللّهُ عز و جل بِنَصرِهِ مَن يَشاءُ .

1.الحَزَنُ : المكانُ الغليظُ الخَشِن ( النهاية : ج ۱ ص ۳۸۰ «حزن») .

2.من الرأي الربيق : أي الرأي الذي عزم عليه ، كأنّه مشدود في ربقة ، أو يلزم العمل به ، كأنّه يجعل في عنق الإنسان في رِبقة ؛ وهي العروة التي يُشدّ بها البهيمة ( بحار الأنوار : ج ۲۱ ص ۳۲۶ ) .

3.بَخَعَ بالحقّ بُخوعا : أقرّ به وخضع له (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۸۳ «بخع») .

4.وهما رَسولا رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى نصارى نجران ، وقد تقدّم ذكرهما .

5.الكَميُّ : الشجاعُ (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۵۹۶ «كمى») .

6.زيدت الواو من بحار الأنوار .

الصفحه من 110