المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 24

قالَ لَهُ السَّيِّدُ : اِربَع ۱ عَلى نَفسِكَ وعَلَينا أبا سَبرَةَ ، فَإِنَّ سَلَّ السَّيفِ يَسِلُّ السَّيفَ ، وإنَّ مُحَمَّدا قَد بَخَعَت لَهُ العَرَبُ وأَعطَتهُ طاعَتَها ومَلَكَ رِجالَها وأَعِنَّتَها ، وجَرَت أحكامُهُ في أهلِ الوَبَرِ مِنهُم وَالمَدَرِ ، ورَمَقَهُ المَلِكانِ العَظيمانِ كِسرى وقَيصَرَ ، فَلا أراكُم ـ وَالرّوحِ ـ لَو نَهَدَ ۲ لَكُم إلّا وقَد تَصَدَّعَ عَنكُم مَن خَفَّ مَعَكُم مِن هذِهِ القَبائِلِ ، فَصِرتُم جُفاءً كَأَمسِ الذّاهِبِ ، أو كَلَحمٍ عَلى وَضَمٍ ۳ .
وكانَ فيهِم رَجُلٌ يُقالُ لَهُ جَهيرُ بنُ سُراقَةَ البارِقِيُّ مِن زَنادِقَةِ نَصارَى العَرَبِ ، و كانَ لَهُ مَنزِلَةٌ مِن مُلوكِ النَّصرانِيَّةِ ، وكانَ مَثواهُ بِنَجرانَ ، فَقالَ لَهُ : أبا سُعادَ ، قُل في أمرِنا وأَنجِدنا بِرَأيِكَ ، فَهذا مَجلِسٌ لَهُ ما بَعدُهُ .
فَقالَ : فَإِنّي أرى لَكُم أن تُقارِبوا مُحَمَّدا وتُطيعوهُ في بَعضِ مُلتَمَسِهِ عِندَكُم ، وَليَنطَلِق وُفودُكُم إلى مُلوكِ أهلِ مِلَّتِكُم ؛ إلَى المَلِكِ الأَكبَرِ بِالرّومِ قَيصَرَ ، وإلى مُلوكِ هذِهِ الجِلدَةِ السَّوداءِ الخَمسَةِ ؛ يَعني مُلوكَ السّودانِ : مَلِكَ النّوبَةِ ، ومَلِكَ الحَبَشَةِ ، و مَلِكَ علوه ، و مَلِكَ الرّعا ، و مَلِكَ الرّاحاتِ ومَريسَ وَالقِبطِ ـ وكُلُّ هؤُلاءِ كانوا نَصارى ـ . قالَ : وكذلك مَن ضَوى ۴ إلَى الشّامِ وحَلَّ بِها مِن مُلوكِ غَسّانَ ولَخمٍ وجُذامٍ وقُضاعَةَ ، وغَيرِهِم مِن ذَوي يُمنِكُم ، فَهُم لَكُم عَشيرَةٌ ومَوالي وأَعوانٌ ، وفِي الدّينِ إخوانٌ ـ يَعني أنَّهُم نَصارى ـ وكَذلِكَ نَصارَى الحيرَةِ مِنَ العُبّادِ وغَيرِهِم ، فَقَد صَبَت إلى دينِهِم قَبائِلُ تَغلِبَ بِنتِ وائِلٍ وغَيرِهِم مِن رَبيعَةَ بنِ نزارٍ ، لِتَسيرَ وُفودُكُم ثُمَّ لِتَخرِقَ إلَيهِمُ البِلادَ إغذاذا ۵ ، فَيَستَصرِخونَهُم لِدينِكُم فَيَستَنجِدَكُمُ الرّومُ وتَسيرَ

1.اِربع : أي إرفق بنفسك وكُفّ (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۱۲ «ربع») .

2.نَهَدَ : نهضَ وتقدّمَ (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۸۳۹ «نهد») .

3.الوَضمُ : الخَشبةُ أو البارية التي يوضع عليها اللحم تقيه من الأرض (النهاية : ج ۵ ص ۱۹۹ «وضم») .

4.ضَوى : آوى وانضَمَّ (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۱۰ «ضوا») .

5.يَغُذُّ إغذاذا : إذا أسرع في السير (النهاية : ج ۳ ص ۳۴۷ «غذذ») .

الصفحه من 110