المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 26

ثُمَّ استَقبَلَ السَّيِّدَ وَالعاقِبَ وَالقِسّيسينَ وَالرُّهبانَ وكافَّةَ نَصارى نَجرانَ بِوَجهِهِ لَم يَخلِط مَعَهُم غَيرَهُم ، فَقالَ : سَمعا سَمعا يا أبناءَ الحِكمَةِ ، وبَقايا حَمَلَةِ الحُجَّةِ ، إنَّ السَّعيدَ وَاللّهِ مَن نَفَعَتهُ المَوعِظَةُ ، ولَم يَعشُ عَنِ التَّذكِرَةِ ، ألا وإنّي اُنذِرُكُم واُذَكِّرُكُم قَولَ مَسيحِ اللّهِ عز و جل . ثُمَّ شَرَحَ وَصِيَّتَهُ ونَصَّهُ عَلى وَصِيِّهِ شَمعونَ بنِ يوحَنّا ، وما يَحدُثُ عَلى اُمَّتِهِ مِنَ الاِفتِراقِ ، ثُمَّ ذَكَرَ عيسى عليه السلام وقالَ : إنَّ اللّهَ جَلَّ جَلالُهُ أوحى إلَيهِ :
«فَخُذ يَابنَ أمَتي كِتابي بِقُوَّةٍ ، ثُمَّ فَسِّرهُ لِأَهلِ سورِيا بِلِسانِهِم ، وأَخبِرهُم أنّي أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا الحَيُّ القَيّومُ ، البَديعُ الدّائِمُ الَّذي لا أحولُ ولا أزولُ ، إنّي بَعَثتُ رُسُلي ونَزَّلتُ كُتُبي رَحمَةً ونورا وعِصمَةً لِخَلقي ، ثُمَّ إنّي باعِثٌ بِذلِكَ نَجيبَ رِسالَتي أحمَدَ ، صَفوَتي مِن بَرِيَّتي ، البارِقليطا ۱ عَبدي ، اُرسِلُهُ في خُلُوٍّ مِنَ الزَّمانِ ، أبعَثُهُ بِمَولِدِهِ فارانَ مِن مَقامِ أبيهِ إبراهيمَ عليه السلام ، اُنزِلُ عَلَيهِ تَوراةً حَديثَةً ، أفتَحُ بِها أعيُنا عُميا ، آذانا ۲ صُمّا ، وقُلوبا غُلفا ، طوبى لِمَن شَهِدَ أيّامَهُ وسَمِعَ كَلامَهُ فَآمَنَ بِهِ ، وَاتَّبَعَ النّورَ الَّذي جاءَ بِهِ ، فَإِذا ذَكَرتَ يا عيسى ذلِكَ النَّبِيَّ فَصَلِّ عَلَيهِ فَإِنّي ومَلائِكَتي نُصَلّي عَلَيهِ» .
قالَ : فَما أتى حارِثَةُ بنُ أثالٍ عَلى قَولِهِ هذا ، حَتّى أظلَمَ بِالسَّيِّدِ وَالعاقِبِ مَكانُهُما ، وكَرِها ما قامَ بِهِ فِي النّاسِ مُعرِبا ومُخبِرا عَنِ المَسيحِ عليه السلام بِما أخبَرَ وقَدَّمَ
مِن ذِكرِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ؛ لِأَنَّهُما كانا قَد أصابا بِمَواضِعِهِما مِن دينِهِما شَرَفا بِنَجرانَ ، ووَجها عِندَ مُلوكِ النَّصرانِيَّةِ جَميعا ، وكَذلِكَ عِندَ سوقَتِهِم وعَرَبِهِم فِي البِلادِ ،

1.البارقليط : قال القاضي : هو اسمه صلى الله عليه و آله في الإنجيل ؛ ومعناه روح القدس . وقال ثعلب : الذي يفرّق بين الحقّ والباطل ، وقيل : الحامد ، وقيل : الحمّاد (سبيل الهدى والرشاد : ج ۱ ص ۴۳۸) .

2.في المصدر : «واُذنا» ، والتصويب من بحار الأنوار .

الصفحه من 110