المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 27

فَأَشفَقا أن يَكونَ ذلِكَ سَبَبا لِانصِرافِ قَومِهِما عَن طاعَتِهِما لِدينِهِما وفَسخا لِمَنزِلَتِهِما فِي النّاسِ .
فَأَقبَلَ العاقِبُ عَلى حارِثَةَ فَقالَ : أمسِك عَلَيكَ يا حارِ ، فَإِنَّ رادَّ هذَا الكَلامِ عَلَيكَ أكثَرُ مِن قابِلِهِ ، ورُبَّ قَولٍ يَكونُ بَلِيَّةً عَلى قائِلِهِ ، ولِلقُلوبِ نَفَراتٌ عِندَ الإِصداعِ بِمَظنونِ الحِكمَةِ ، فَاتَّقِ نُفورَها ، فَلِكُلِّ نَبَإٍ أهلٌ ، ولِكُلِّ خَطبٍ مَحَلٌّ ، وإنَّمَا الدَّرَكُ ما أخَذَ لَكَ بِمَواضِي النَّجاةِ ، وأَلبَسَكَ جُنَّةَ السَّلامَةِ ، فَلا تَعدِلَنَّ بِهِما حَظّا ، فَإِنّي لَم آلُكَ ـ لا أبا لَكَ ۱ ـ نُصحا . ثُمَّ أرَمَّ ۲ .
فَأَوجَبَ السَّيِّدُ أن يُشرِكَ العاقِبَ في كَلامِهِ ، فَأَقبَلَ عَلى حارِثَةَ فَقالَ : إنّي لَم أزَل أتَعَرَّفُ لَكَ فَضلاً تَميلُ إلَيكَ الأَلبابُ ، فَإِيّاكَ أن تَقتَعِدَ ۳ مَطِيَّةَ اللَّجاجِ ، وأَن توجِفَ ۴ إلَى السَّرابِ ، فَمَن عُذِرَ بِذلِكَ فلَستَ فيهِ أيُّهَا المَرءُ بِمَعذورٍ ، وقَد أغفَلَكَ أبو واثِلَةَ ـ وهُوَ وَلِيُّ أمرِنا وسَيِّدُ حَضَرِنا ـ عِتابا ، فَأَولِهِ اعتِبارا ۵ .
ثُمَّ تَعلَمُ أنَّ ناجِمَ ۶ قُرَيشٍ ـ يَعني رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ـ يَكونُ رُزؤُهُ قَليلاً ثُمَّ يَنقَطِعُ ، ويَخلو أنَّ بَعدَ ذلِكَ قَرنٌ ۷ يُبعَثُ في آخِرِهِ النَّبِيُّ المَبعوثُ بِالحِكمَةِ وَالبَيانِ وَالسَّيفِ وَالسُّلطانِ ، يَملِكُ مُلكا مُؤَجَّلاً تُطَبِّقُ فيهِ اُمَّتُهُ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ ، ومِن ذُرِّيَّتِهِ الأَميرُ الظّاهِرُ ؛ يَظهَرُ عَلى جَميعِ المَلَكاتِ وَالأَديانِ ، ويَبلُغُ مُلكُهُ ما طَلَعَ عَلَيهِ اللَّيلُ

1.لا أباً لك : أكثر ما يُذكر في المدح ؛ أي لا كافي لك غير نفسك ، وقد يذكر في معرض الذمّ (النهاية في غريب الحديث : ج ۱ ص ۱۹ «أبا») .

2.أرَمَّ : أي سَكَتَ (النهاية : ج ۲ ص ۲۶۷ «رمم») .

3.في المصدر : «تقعد» ، والتصويب من بحار الأنوار .

4.وَجَفَ : اضطرَبَ وسار سريعا (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۹۱۱ «وجف») .

5.في بحار الأنوار : «أعتابا» بدل «اعتبارا» .

6.نجم الشيء ينجم نجوما : ظهر وطلع (الصحاح : ج ۵ ص ۲۰۳۹ «نجم») .

7.في بحار الأنوار : «ويكون بعد ذلك قرنٌ» بدل «ويخلو أنّ بعد ذلك قرنٌ» .

الصفحه من 110