المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 28

وَالنَّهارُ ، وذلِكَ ـ يا حارِ ـ أمَلٌ مِن وَرائِهِ أمَدٌ ومِن دونِهِ أجَلٌ ، فَتَمَسَّك مِن دِينِكَ بِما تَعلَمُ ، وتَمَنَّع ـ للّهِِ أبوكَ ۱ ـ مِن اُنسٍ مُتَصَرِّمٍ ۲ بِالزَّمانِ ، أو لِعارِضٍ مِنَ الحَدَثانِ ، فَإِنَّما نَحنُ لِيَومِنا ولِغَدٍ أهلُهُ .
فَأَجابَهُ حارِثَةُ بنُ أثالٍ فَقالَ : إيها عَلَيكَ أبا قُرَّةَ ! فَإِنَّهُ لا حَظَّ في يَومِهِ لِمَن لا دَرَكَ لَهُ في غَدِهِ ، وَاتَّقِ اللّهَ تَجدِ اللّهَ جَلَّ وتَعالى بِحَيثُ لا مَفزَعَ إلّا إلَيهِ .
وعَرَّضتَ مُشَيِّدا بِذِكرِ أبي واثِلَةَ ! فَهُوَ العَزيزُ المُطاعُ ، الرَّحِبُ الباعُ ، وإلَيكُما مَعا مُلقَى الرِّحالِ ، فَلَو اُضرِبَتِ التَّذكِرَةُ عَن أحَدٍ لِتَبريزِ فَضلٍ لَكُنتُماهُ ، لكِنَّها أبكارُ الكَلامِ تُهدى لِأَربابِها ، ونَصيحَةٌ كُنتُما أحَقَّ مَن أصغى لَها ۳ . إنَّكُما مَليكا ثَمَراتِ قُلوبِنا ، ووَلِيّا طاعَتِنا في دينِنا ، فَالكَيَسَ الكَيَسَ ـ يا أيُّهَا المُعَظَمّانِ ـ عَلَيكُما بِهِ ، أرِيا مَقاما يُدهِكُما نَواحيهِ ، وَاهجُرا سُنَّةَ ۴ التَّسويفِ فيما أنتُما بِعَرضِهِ .
آثِرَا اللّهَ فيما كانَ يُؤثِرُكُما بِالمَزيدِ مِن فَضلِهِ ، ولا تَخلُدا فيما أظَلَّكُما إلَى الونيّةِ ۵ ، فَإِنَّهُ مَن أطالَ عِنانَ الأَمرِ أهلَكَتهُ الغِرَّةُ ۶ ، ومَنِ اقتَعَدَ مَطِيَّةَ الحَذَرِ كانَ بِسَبيلِ أمنٍ مِنَ المَتالِفِ ، ومَنِ استَنصَحَ عَقلَهُ كانَتِ العِبرَةُ لَهُ لا بِهِ ، ومَن نَصَحَ للّهِِ عز و جل آنَسَهُ اللّهُ جَلَّ وتَعالى بِعِزِّ الحَياةِ وسَعادَةِ المُنقَلَبِ .
ثُمَّ أقبَلَ عَلَى العاقِبِ مُعاتِبا ، فَقالَ : وزَعَمتَ ـ أبا واثِلَةَ ـ أنَّ رادَّ ما قُلتُ أكثَرُ

1.للّه أبوك : في معرض المدح والتعجّب ؛ أي أبوك للّه خالصا حيث أنجب بك وأتى بمثلك (النهاية : ج ۱ ص ۱۹ «أبا») .

2.الانصرام : الانقطاع ... والتصرّم : التقطّع (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۶۵ «صرم») .

3.في المصدر : «بها» ، والتصويب من بحار الأنوار .

4.في المصدر : «سنته» ، والتصويب من بحارالأنوار .

5.الوني : الضعف والفتور والكلال والإعياء (تاج العروس : ج ۲۰ ص ۳۱۷ «وني») .

6.في بحار الأنوار : «العِزَّة» بدل «الغِرَّة» .

الصفحه من 110