المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 31

قالوا : وتَفَلَ مُحَمَّدٌ في عُيونِ رِجالٍ ذَوي رَمَدٍ ، وعَلى كُلومِ ۱ رِجالٍ ذوي جِراحٍ ، فَبَرَأَت لِوَقتِهِ عُيونُهُم فَمَا اشتَكوها ، وَاندَمَلَت جِراحاتُهُم فَما ألِموها ، في كَثيرٍ مِمّا أدَّوا ونَبَّئوا عَن مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله مِن دَلالَةٍ وآيَةٍ .
وأَرادوا صاحِبَهُم مُسَيلِمَةَ عَلى بَعضِ ذلِكَ ، فَأَنعَمَ لَهُم كارِها ، وأَقبَلَ بِهِم إلى بَعضِ بِئارِهِم فَمَجَّ فيها ، وكانَتِ الرَّكِيُّ ۲ مَعذوذَبَةً فَصارَت مَلِحا لا يُستَطاعُ شَرابُهُ ، وبَصَقَ في بِئرٍ كانَ ماؤُها وَشَلاً ۳ فَعادَت فَلَم تَبِضَّ ۴ بِقَطرَةٍ مِن ماءٍ ، وتَفَلَ في عَينِ رَجُلٍ كانَ بِها رَمَدٌ فَعَمِيَت ، وعَلى جِراحٍ ـ أو قالوا : جِراحِ آخَرَ ـ فَاكتَسى جِلدَهُ بَرَصا .
فَقالوا لِمُسَيلِمَةَ فيما أبصَروا في ذلِكَ مِنهُ وَاستَبرَؤوهُ ، فَقالَ : وَيحَكُم! بِئسَ الاُمَّةُ أنتُم لِنَبِيِّكُم وَالعَشيرَةُ لِابنِ عَمِّكُم ، إنَّكُم كَلَّفتُموني يا هؤُلاءِ مِن قَبلِ أن يوحى إلَيَّ في شَيءٍ مِمّا سَأَلتُم ، وَالآنَ فَقَد اُذِنَ لي في أجسادِكُم وأَشعارِكُم دونَ بِئارِكُم ومِياهِكُم ، هذا لِمَن كانَ مِنكُم بي مُؤمِنا ، وأَمّا مَن كانَ مُرتابا فَإِنَّهُ لا يَزيدُهُ تَفلَتي عَلَيهِ إلّا بَلاءً ، فَمَن شاءَ الآنَ مِنكُم فَليَأتِ لِأَتفِلَ في عَينِهِ وعَلى جِلدِهِ .
قالوا : ما فينا ـ وأَبيكَ ـ أحَدٌ يَشاءُ ذلِكَ ، إنّا نَخافُ أن يَشمَتَ بِكَ أهلُ يَثرِبَ . وأَضرَبوا عَنهُ حَمِيَّةً لِنَسَبِهِ فيهِم وتَذَمُّما لِمَكانِهِ مِنهُم .
فَضَحِكَ السَّيِّدُ وَالعاقِبُ حَتّى فَحَصَا الأَرضَ بِأَرجُلِهِما ، وقالا : مَا النّورُ وَالظَّلامُ وَالحَقُّ وَالباطِلُ ، بِأَشَدَّ تَبايُنا وتَفاوُتا مِمّا بَينَ هذَينِ الرَّجُلَينِ صِدقا وكِذبا .

1.الكَلمُ : الجراحة ، والجمع كُلوم وكِلام (الصحاح : ج ۵ ص ۲۰۲۳ «كلم») .

2.الركيُّ : البئرُ (النهاية : ج ۲ ص ۲۶۱ «ركا») .

3.الوَشَلُ : الماءُ القَليلُ (النهاية : ج ۵ ص ۱۸۹ «وشل») .

4.يقال : بَضَّ الماءُ : إذا قطر وسال (النهاية : ج ۱ ص ۱۳۲ «بضض») .

الصفحه من 110