المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 36

لا يَبقى بِجَزيرَةِ العَرَبِ بَيتٌ إلّا وهُوَ راغِبٌ إلَيهِم أو راهِبٌ لَهُم ، ثُمَّ يُدالُ بَعدَ لَأيٍ ۱ مِنهُم ، ويَشعَثُ سُلطانُهُم حَدّا حَدّا ، وبَيتا فَبَيتا ، حَتّى تَجيءَ أمثالُ النَّغَفِ ۲ مِنَ الأَقوامِ فيهِم، ثُمَّ يَملِكُ أمرَهُم عَلَيهِم عُبَداؤُهم وقِنُّهُم، يَملِكونَ جيلاً فَجيلاً ، يَسيرونُ فِي النّاسِ بِالقَعسَرِيَّةِ ۳ خبطا خبطا ، ويَكونُ سُلطانُهُم سُلطانا عَضوضا ضَروسا ، فَتَنقُصُ الأَرضُ حينَئِذٍ مِن أطرافِها ، ويَشتَدُّ البَلاءُ وتَشتَمِلُ الآفاتُ ، حَتّى يَكونَ المَوتُ أعَزَّ مِنَ الحَياةِ الحَمراءِ ، أو أحَبَّ حينَئِذٍ إلى أحَدِهِم مِنَ الحَياةِ ، وما ذلِكَ إلّا لِما يُدهَونَ ۴ بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ ، وَالفِتنَةِ العَشواءِ .
وقُوّامُ الدّينِ يَومَئِذٍ وزُعَماؤُهُم يَومَئِذٍ اُناسٌ لَيسوا مِن أهلِهِ ، فَيَمُجُّ الدّينُ بِهِم وتَعفو آياتُهُ ، ويُدبِرُ تَوَلِّيا وإمحاقا ، فَلا يَبقى مِنهُ إلَا اسمُهُ ، حَتّى يَنعاهُ ناعيهِ ، وَالمُؤمِنُ يَومَئِذٍ غَريبٌ ، وَالدَّيّانونَ قَليلٌ ما هُم ، حَتّى يَستَأيِسُ ۵ النّاسُ مِن رَوحِ اللّهِ وفَرَجِهِ إلّا أقَلُّهُم ، وتَظُّنُّ أقوامٌ أن لَن يَنصُرَ اللّهُ رُسُلَهُ ويُحِقَّ وَعدَهُ ، فَإِذا بِهِمُ الشَّصائِبُ ۶ وَالنِّقَمُ ، واُخِذَ مِن جَميعِهِم بِالكَظمِ ، تَلافَى اللّهُ دينَهُ ، وراشَ ۷ عِبادَهُ مِن بَعدِ ما قَنَطوا بِرَجُلٍ مِن ذُرِّيَّةِ نَبِيِّهِم أحمَدَ ونَجلِهِ ، يَأتِي اللّهُ عز و جل بِهِ مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ ، تُصَلّي عَلَيهِ السَّماواتُ وسُكّانُها ، وتَفرَحُ بِهِ الأَرضُ وما عَلَيها مِن سَوامٍ وطائِرٍ وأَنامٍ ، وتَخرُجُ لَهُ اُمُّكُم ـ يَعنِي الأَرضَ ـ بَرَكَتَها وزينَتَها ، وتُلقِي إلَيهِ كُنوزَها

1.يقال : «فعل ذلك بعد لَأيٍ» أي بعد شدّةٍ وإبطاء (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۷۸ «لأي») .

2.في المصدر : «النعف» ، والتصويب من بحار الأنوار . والنغف : دود يكون في اُنوف الإبل (النهاية : ج ۵ ص ۸۷ «نغف») .

3.القعسريّ : الصلِبُ الشديد (لسان العرب : ج ۵ ص ۱۱۰ «قعسر») .

4.في المصدر : «يدهنون» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.في المصدر : «يستأنس» ، والتصويب من بحار الأنوار .

6.الشِصبُ : الشِّدَّةُ والجدب (لسان العرب : ج ۱ ص ۴۹۵ «شصب») .

7.راش يَريشُ : أي يعينُه (النهاية : ج ۲ ص ۲۸۸ «ريش») .

الصفحه من 110