المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 37

وأَفلاذَ كَبِدِها ، حَتّى تَعودَ كَهَيئَتِها عَلى عَهدِ آدَمَ عليه السلام ، وتَرفَعُ عَنهُمُ المَسكَنَةَ وَالعاهاتِ في عَهدِهِ ، وَالنَّقِماتِ الَّتي كانَت تَضرِبُ بِهَا الأُمَمَ مِن قَبلُ ، وتُلقى فِي البِلادِ الأَمَنَةُ ، وتُنزَعُ حُمَةُ ۱ كُلِّ ذاتِ حُمَةٍ ، ومِخلَبُ كُلِّ ذي مِخلَبٍ ، ونابُ كُلِّ ذي نابٍ ، حَتّى أنَّ الجُوَيرِيَةَ اللُّكاعَ ۲ لَتَلعَبُ بِالأُفعُوانِ ۳ فَلا يَضُرُّها شَيئا ، وحَتّى يَكونَ الأَسَدُ فِي الباقِرِ ۴ كَأَنَّهُ راعيها ، وَالذِّئبُ فِي البُهَمِ كَأَنَّهُ رَبُّها ، ويُظهِرُ اللّهُ عَبدَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ فَيَملِكُ مَقاليدَ الأَقاليمِ إلى بَيضاءِ الصّينِ ، حَتّى لا يَكونَ عَلى عَهدِهِ فِي الأَرضِ أجمَعِها إلّا دينُ اللّهِ الحَقُّ الَّذِي ارتَضاهُ لِعِبادِهِ ، وبَعَثَ بِهِ آدَمَ بَديعَ فِطرَتِهِ ، وأَحمَدَ خاتَمِ رِسالَتِهِ ، ومَن بَينَهُما مِن أنبِيائِهِ ورُسُلِهِ .
فَلَمّا أتَى العاقِبُ عَلَى اقتِصاصِهِ ۵ هذا ، أقبَلَ عَلَيهِ حارِثَةُ مُجيبا ، فَقالَ : أشهَدُ بِاللّهِ البَديعِ ـ يا أيُّهَا النَّبيهُ الخَطيرُ وَالعَليمُ الأَثيرُ ! ـ لَقَدِ ابتَسَمَ الحَقُّ بِقَلبِكَ ، وأَشرَقَ الجَنانُ ۶ بِعَدلِ مَنطِقِكَ ، وتَنَزَّلَت كُتُبُ اللّهِ الَّتي جَعَلَها نورا في بِلادِهِ وشاهِدَةً عَلى عِبادِهِ بِمَا اقتَصَصتَ مِن سُطورِها حَقّا ، فَلَم يُخالِف طِرسٌ ۷ مِنها طِرسا ، ولا رَسمٌ مِن آياتِها رَسما ، فَما بَعدَ هذا ؟ !
قالَ العاقِبُ : فَإِنَّكَ زَعَمتَ زَعمَةَ أخا قُرَيشٍ، فَكُنتَ بِما تَأثِرُ مِن هذا حَقَّ غالِطٍ.

1.حُمَّةُ : سُمُّ كلِّ شيء يلدغ أو يلسع (المصباح المنير : ص ۱۵۴ «حمم») .

2.الجويريّة : تصغير الجارية . واللكع يطلق على الصغير ؛ أي جارية صغيرة ( راجع : النهاية : ج ۴ ص ۲۶۸ «لكع») .

3.الاُفعُوان ـ بالضمّ ـ : ذَكَر الأفاعي (النهاية : ج ۱ ص ۵۵ «أفع») .

4.الباقِرُ : جماعة البَقَرِ مع رُعاتِها (لسان العرب : ج ۴ ص ۷۳ «بقر») .

5.اقتصصت الحديث : رويته على وجهه ، وقد قصّ عليه الخبر قصصا (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۵۱ «قصص») .

6.في بحار الأنوار : «الجناب» بدل «الجنان» .

7.الطِرسُ : الصحيفة ( المصباح المنير : ص ۳۷۱ « طرس » ) .

الصفحه من 110