المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 39

قالَ العاقِبُ : أجَل .
قالَ : فَهَل يَتَخالَجُكَ في ذلِكَ رَيبٌ ، أو يَعرِضُ لَكَ فيهِ ظَنٌّ ؟
قالَ العاقِبُ : كَلّا وَالمَعبودِ ، إنَّ هذا لَأَجلى مِن بُوحٍ ۱ ـ وأَشارَ لَهُ إلى جِرمِ الشَّمسِ المُستَديرِ ـ .
فَأَكَبَّ حارِثَةُ مُطرِقا وجَعَلَ يَنكُتُ فِي الأَرضِ عَجَبا ، ثُمَّ قالَ : إنَّمَا الآفَةُ ـ أيُّهَا الزَّعيمُ المُطاعُ ـ أن يَكونَ المالُ عِندَ مَن يَخزِنُهُ لا مَن يُنفِقُهُ ، وَالسِّلاحُ عِندَ مَن يَتَزَيَّنُ بِهِ لا مَن يُقاتِلُ بِهِ ، وَالرَّأيُ عِندَ مَن يَملِكُهُ لا مَن يَنصُرُهُ .
قالَ العاقِبُ : لَقَد أسمَعتَ ـ يا حُوَيرِثُ ـ فَأَقذَعتَ ۲ ، وطَفِقتَ فَأَقدَمتَ ، فَمَهْ ؟ !
قالَ : اُقسِمُ بِالَّذي قامَتِ ۳ السَّماواتُ وَالأَرَضونَ بِإِذنِهِ ، وغَلَبَتِ الجَبابِرَةُ بِأَمرِهِ ، إنَّهُمَا اسمانِ مُشتَقّانِ لِنَفسٍ واحِدَةٍ ولِنَبِيٍّ واحِدٍ ورَسولٍ واحِدٍ ۴ ، أنذَرَ بِهِ موسَى بنُ عِمرانَ ، وبَشَّرَ بِهِ عيسَى بنُ مَريَمَ ، ومِن قَبلِهِما أشارَ بِهِ صُحُفُ إبراهيمَ عليه السلام .
فَتَضاحَكَ السَّيِّدُ ؛ يُري قَومَهُ ومَن حَضَرَهُم أنَّ ضِحكَهُ هُزءٌ مِن حارِثَةَ وتَعَجُّبٌ .
وَانتَشَطَ ۵ العاقِبُ مِن ذلِكَ ، فَأَقبَلَ عَلى حارِثَةَ مُؤَنِّبا فَقالَ : لا يَغرُركَ باطِلُ أبي قُرَّةَ ، فَإِنَّهُ وإن ضَحِكَ لَكَ فَإِنَّما يَضحَكُ مِنكَ .

1.بُوح : الشمس ؛ سُمّيت بذلك لظهورها (لسان العرب : ج ۲ ص ۴۱۶ «بوح») .

2.القذع : الخنا والفحش ... يقال : قذعته وأقذعته ؛ إذا رميته بالفحش وشتمته (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۶۱ «قذع») .

3.في المصدر : «قامت به ...» ، والتصويب من بحار الأنوار .

4.في المصدر : «واحد لنبي وواحد رسول واحد» بدل «ولنبي واحد ورسول واحد» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.النشط : اللسع باختلاسٍ وسرعةٍ، وكلّ شيء اختُلس فقد انتشط (الفائق في غريب الحديث : ج ۲ ص ۲۷۷ «ضحضح») .

الصفحه من 110