المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 40

قالَ حارِثَةُ : لَئِن فَعَلَها لِأَنَّها لِاءِحدَى الدَّهارِسِ ۱ أو سوءٍ ۲ ، أفَلَم تَتَعَرَّفا ـ راجَعَ اللّهُ بِكُما ـ مِن مَوروثِ الحِكمَةِ : «لا يَنبَغي لِلحَكيمِ أن يَكونَ عَبّاسا في غَيرِ أدَبٍ ، ولا ضَحّاكا في غَيرِ عَجَبٍ» ؟ أ وَلَم يَبلُغكُما عَن سَيِّدِكُمَا المَسيحِ عليه السلام قالَ : «فَضِحكُ العالِمِ في غَيرِ حينِهِ غَفلَةٌ مِن قَلبِهِ ، أو سَكرَةٌ ألهَتهُ عَمّا في غَدِهِ» ؟
قالَ السَّيِّدُ : يا حارِثَةُ ! إنَّهُ لا يَعيشُ ـ وَاللّهِ ـ أحَدٌ بِعَقلِهِ حَتّى يَعيشَ بِظَنِّهِ ، وإذا أنَا لَم أعلَم إلّا ما رَوَيتُ فَلا عَلِمتُ ، أوَلَم يَبلُغكَ أنتَ عَن سَيِّدِنَا المَسيحِ ـ عَلَينا سَلامُهُ ـ أنَّ للّهِِ عِبادا ضَحِكوا جَهرا مِن سَعَةِ رَحمَةِ رَبِّهِم ، وبَكَوا سِرّا مِن خيفَةِ رَبِّهِم ؟
قالَ : إذا كانَ هذا فَنَعَم .
قالَ : فَما هُنا فَليَكُن مَراجِمَ ظُنونِكَ بِعِبادِ رَبِّكَ ، وعُد بِنا إلى ما نَحنُ بِسَبيلِهِ ، فَقَد طالَ التَّنازُعُ وَالخِصامُ بَينَنا يا حارِثَةُ !
قالوا : وكانَ هذا مَجلِسا ثالِثا في يَومٍ ثالِثٍ مِنِ اجتِماعِهِم لِلنَّظَرِ في أمرِهِم .
فَقالَ السَّيِّدُ : يا حارِثَةُ ، ألَم يُنبِئكَ أبو واثِلَةَ بِأَفصَحِ لَفظٍ اختَرَقَ اُذُنا ، ودَعا ذلِكَ بِمِثلِهِ مُخبِرا ، فَأَلقاكَ مَعَ غرماتك ۳ بِمَوارِدِهِ حَجَرا ؟ وها أنَا ذا اُؤَكِّدُ ۴ عَلَيكَ التَّذكِرَةَ بِذلِكَ مِن مَعدِنٍ ثالِثٍ ، فَأَنشُدُكَ اللّهَ وما أنزَلَ إلى كَلِمَةٍ مِن كَلِماتِهِ ، هَل تَجِدُ فِي الزّاجِرَةِ المَنقولَةِ مِن لِسانِ أهلِ سورِيا إلى لِسانِ العَرَبِ ، يَعني صَحيفَةَ شَمعونَ بنِ حَمّونَ الصَّفَا الَّتي تَوارَثَها عَنهُ أهلُ النَّجرانِ ؟ !

1.الدهارِسُ : الدواهي (لسان العرب : ج ۶ ص ۸۹ «دهرس») .

2.في بحار الأنوار : «أو سوءة» بدل «أو سوء» .

3.في بحار الأنوار : «عزماتك» بدل «غرماتك» .

4.في المصدر : «... حجرا وهاجما أنا ذا آكد» ، والتصويب من بحار الأنوار .

الصفحه من 110