المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 43

قالا : أجَل .
قالَ : اللّهُ أكبَرُ .
قالا : كَبَّرتَ كَبيرا ، فَما دَعاكَ إلى ذلِكَ ؟
قالَ حارِثَةُ : الحَقُّ أبلَجُ ۱ ، وَالباطِلُ لَجلَجٌ ، ولَنَقلُ ماءِ البَحرِ ولَشَقُّ الصَّخرِ أهوَنُ مِن إماتَةِ ما أحياهُ اللّهُ عز و جل وإحياءِ ما أماتَهُ . الآنَ فَاعلَما أنَّ مُحَمَّدا غَيرُ أبتَرٍ ، وأنَّهُ الخاتِمُ الوارِثُ ، وَالعاقِبُ الحاشِرُ حَقّا ، فَلا نَبِيَّ بَعدَهُ ، وعَلى اُمَّتِهِ تَقومُ السّاعَةُ ، ويَرِثُ اللّهُ الأَرضَ ومَن عَلَيها ، وأَنَّ مِن ذُرِّيَّتِهِ الأَميرُ الصّالِحُ الَّذي بَيَّنتُما ونَبَأّتُما أنَّهُ يَملِكُ مَشارِقَ الأَرضِ ومَغارِبَها ، ويُظهِرُهُ اللّهُ عز و جلبِالحَنيفِيَّةِ الإِبراهيمِيَّةِ عَلَى النَّواميسِ كُلِّها .
قالا : أولى لَكَ يا حارِثَةُ ! لَقَد أغفَلناكَ ، وتَأبى إلّا مُراوَغَةً كَالثَّعالِبَةِ ، فَما تَسأَمُ المُنازَعَةَ ، ولا تَمَلُّ مِنَ المُراجَعَةِ ، ولَقَد زَعَمتَ مَعَ ذلِكَ عَظيما ! فَما بُرهانُكَ بِهِ ؟
قالَ : أما ـ وجَدِّكُما ـ لَأُنَبِئُّكُما بِبُرهانٍ يُجيرُ مِنَ الشُّبهَةِ ، ويُشفى بِهِ جَوَى الصُّدورِ . ثُمَّ أقبَلَ عَلى أبي حارِثَةَ حُصَينِ بنِ عَلقَمَةَ شَيخِهِم واُسقُفِّهِمُ الأَوَّلِ ، فَقالَ : إن رَأَيتَ أيُّهَا الأَبُ الأَثيرُ أن تُؤنِسَ قُلوبَنا وتُثلِجَ صُدورَنا بِإِحضارِ الجامِعَةِ وَالزّاجِرَةِ .
قالوا : وكانَ هذَا المَجلِسُ الرّابِعُ مِنَ اليَومِ الرّابِعِ ، وذلِكَ لَمّا حَلَّقَتِ الشَّمسُ ۲ ، وفي زَمَنِ قَيظٍ ۳ شَديدٍ ، فَأَقبَلا عَلى حارِثَةَ فَقالا : أرجِ هذا إلى غَدٍ ؛ فَقَد بَلَغَتِ القُلوبُ مِنّا الصُّدورَ .

1.البلوج : الإشراق ... وصبح أبلج ؛ أي مشرق مضيء (الصحاح : ج ۱ ص ۳۰۰ «بلج») .

2.في المصدر : «وذلك لمّا خَلَّقَتِ الأرضُ ورَكَدَتِ الشمسُ» وما في المتن أثبتناه من بحار الأنوار . وتحليق الشمس : ارتفاعها .

3.القيظ : صميم الصيف (لسان العرب : ج ۷ ص ۴۵۶ «قيظ») .

الصفحه من 110