المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 44

فَتَفَرَّقوا عَلى إحضارِ الزّاجِرَةِ وَالجامِعَةِ مِن غَدٍ ، لِلنَّظَرِ فيهِما وَالعَمَلِ بِما يَتَراءانِ مِنهُما . فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ صارَ أهلُ نَجرانَ إلى بِيعَتِهِم ؛ لِاعتِبارِ ما أجمَعَ صاحِباهُم مَعَ حارِثَةَ عَلَى اقتِباسِهِ وتَبَيُّنِهِ مِنَ الجامِعَةِ ، ولَمّا رَأَى السَّيِّدُ وَالعاقِبُ اجتِماعَ النّاسِ لِذلِكَ ، قُطِعَ بِهِما ؛ لِعِلمِهِما بِصَوابِ قَولِ حارِثَةَ ، وَاعتَرَضاهُ لِيَصُدّانِهِ عَن تَصَفُّحِ الصُّحُفِ عَلى أعيُنِ النّاسِ ، وكانا مِن شَياطينِ الإِنسِ .
فَقالَ السَّيِّدُ : إنَّكَ قَد أكثَرتَ وأَملَلتَ ، قُضَّ الحَديثَ لَنا مَعَ قَصِّهِ ۱ ، ودَعنا مِن تِبيانِهِ .
فَقالَ حارِثَةُ : وهَل هذا إلّا مِنكَ وصاحِبِكَ ؟ فَمِنَ الآنِ فَقولا ما شِئتُما .
فَقالَ العاقِبُ : ما مِن مَقالٍ إلّا قُلنا ، وسَنَعودُ فَنُخَبِّرُ بَعضَ ذلِكَ تَخبيرا ، غَيرَ كاتِمينَ للّهِِ عز و جل مِن حُجَّةٍ ، ولا جاحِدينَ لَهُ آيَةً ، ولا مُفتَرينَ مَعَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ عز و جل لِعَبدٍ أنَّهُ مُرسَلٌ مِنهُ ولَيسَ بِرَسولِهِ ، فَنَحنُ نَعتَرِفُ ـ يا هذا ـ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أنَّهُ رَسولٌ مِنَ اللّهِ عز و جلإلى قَومِهِ مِن بَني إسماعيلَ عليه السلام ، في غَيرِ أن تَجِبَ لَهُ بِذلِكَ عَلى غَيرِهِم مِن عُربِ النّاسِ ولا أعاجِمِهم تِباعَةٌ ولا طاعَةٌ ، بِخُروجٍ لَهُ عَن مِلَّةٍ ولا دُخولٍ مَعَهُ في مِلَّةٍ ، إلَا الإِقرارَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسالَةِ إلى أعيانِ قَومِهِ ودينِهِ .
قالَ حارِثَةُ : وبِم شَهِدتُما لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالأَمرِ ؟
قالا : حَيثُ جاءَتنا فيهِ البَيِّنَةُ مِن تَباشيرِ الأَناجيلِ وَالكُتُبِ الخالِيَةِ .
فَقالَ : مُنذُ وَجَبَ هذا لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله عَلَيكُما في طَويلِ الكَلامِ وقَصيِرهِ ، وبَدئِهِ

1.هكذا وردتا في المصدر : «قضّ ... قصّه» ، وفي بحارالأنوار : «فضَّ ... فضّه» ، وفي بعض النسخ «قصّ» . والقَضّ : الكسر ، واستعمل في سرعة الإرسال . وكذلك الفَضّ فهو بمعنى الكسر أيضا ( راجع : الفائق في غريب الحديث : ج ۳ ص ۱۰۷ «قضض» و ج ۲ ص ۳۲۳ «فضض») . وأمّا القصّ فمعلوم . وعلى أيّ حال فالمراد : اقطع الحديث في هذا الأمر فقد أكثرت فيه وأمللت .

الصفحه من 110