المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 45

وعَودِهِ ، فَمِن أينَ زَعَمتُما أنَّهُ لَيسَ بِالوارِثِ الحاشِرِ ، ولَا المُرسَلِ إلى كافَّةِ البَشَرِ ؟
قالا : لَقَد عَلِمتَ وعَلِمنا ، فَما نَمتَري بِأَنَّ حُجَّةَ اللّهِ عز و جل لَم يَنتَهِ أمرُها ، وأَنَّها كَلِمَةُ اللّهِ جارِيَةٌ فِي الأَعقابِ مَا اعتَقَبَ اللَّيلُ وَالنَّهارُ وما بَقِيَ مِنَ النّاسِ شَخصانِ ، وقَد ظَنَنّا مِن قَبلُ أنَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله رَبُّها ۱ ، وأَنَّهُ القائِدُ بِزِمامِها ، فَلَمّا أعقَمَهُ اللّهُ عز و جل بِمَهلِكِ الذُّكورَةِ مِن وُلدِهِ عَلِمنا أنَّهُ لَيسَ بِهِ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدا أبتَرُ ، وحُجَّةَ اللّهِ عز و جل الباقِيَةَ ونَبِيَّهُ الخاتِمَ ـ بِشَهادَةِ كُتُبِ اللّهِ عز و جل المُنزَلَةِ ـ لَيسَ بِأَبتَرَ ، فَإِذاً هُوَ نَبِيٌّ يَأتي ويُخلَدُ بَعدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، اشتُقَّ اسمُهُ مِنِ اسمِ مُحَمَّدٍ ، وهُوَ أحمَدُ الَّذي نَبَّأَ المَسيحُ عليه السلام بِاسمِهِ وبِنُبُوَّتِهِ ورِسالاتِهِ الخاتِمَةِ ، ويَملِكُ ابنُهُ القاهِرُ الجامِعَةَ لِلنّاسِ جَميعا عَلى ناموسِ اللّهِ عز و جل الأَعظَمِ ، لَيسَ بِمَظهَرَةِ دينِهِ ولكِنَّهُ مِن ذُرِّيَّتِهِ وعَقِبِهِ ، يَملِكُ قُرَى الأَرضِ وما بَينَهُما مِن لوبٍ وسَهلٍ وصَخرٍ وبَحرٍ ، مُلكا مُوَرَّثا مُوَطَّأً ، وهذا نَبَأٌ أحاطَت سَفَرَةُ الأَناجيلِ بِهِ عِلما ، وقَد أوسَعناكَ بِهذَا القيلِ سَمعا ، وعُدنا لَكَ بِهِ آنِفَةً بَعدَ سالِفَةٍ ، فَما إربُكَ ۲ إلى تِكرارِهِ .
قالَ حارِثَةُ : قَد أعلَمُ أنّي وإيّاكُما في رَجعٍ مِنَ القَولِ مُنذُ ثَلاثٍ ؛ وما ذاكَ إلّا لِيَذكُرَ ناسٍ ويَرجِعَ فارِطٌ ۳ وتَظهَرَ لَنَا الكَلِمُ . وذَكَرتُما نَبِيَّينِ يُبعَثانِ يَعتَقِبانِ بَينَ مَسيحِ اللّهِ عز و جل وَالسّاعَةِ ؛ قُلتُما : وكِلاهُما مِن بَني إسماعيلَ ، أوَّلُهُما ۴ : مُحَمَّدٌ بِيَثرِبَ ، وثانيهِما : أحمَدُ العاقِبُ . وأَمّا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله ـ أخو قُرَيشٍ ـ هذَا القاطِنُ بِيَثرِبَ فَأَنَا به ۵

1.ربّ كلّ شيء : مالكه (الصحاح : ج ۱ ص ۱۳۰ «ربب») .

2.الإرب : الحاجة (الصحاح : ج ۱ ص ۸۷ «إرب») .

3.فرط في الأمر يفرط فرطا : أي قصّر فيه وضيّعه حتّى فات (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۴۸ «فرط») .

4.في المصدر : «أوّلهم» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.في المصدر : «فآياته» بدل «فأنا به» ، والتصويب من بحار الأنوار .

الصفحه من 110