وَرَثَةَ كِتابي ووَحيي ، وأَوكارَ حِكمَتي ونوري ، وآلَيتُ بي ألّا اُعَذِّبَ بِناري مَن لَقِيَني مُعتَصِما بِتَوحيدي ، وحَبلِ ۱ مَوَدَّتِهِم أبَدا» .
ثُمَّ أمَرَهُم أبو حارِثَةَ أن يَصيروا إلى صَحيفَةِ شَيثٍ الكُبرَى ، الَّتِي انتَهى ميراثُها إلى إدريسَ النَّبِيِّ عليه السلام ، قالَ : وكانَ كِتابَتُها بِالقَلَمِ السُّريانِيِّ القَديمِ ، وهُوَ الَّذي كُتِبَ بِهِ مِن بَعدِ نوحٍ عليه السلام مِن مُلوكِ الهياطلة وهُمُ النَّمادِرَةُ .
قالَ : فَاقتَصَّ القَومُ الصَّحيفَةَ وأَفضَوا مِنها إلى هذَا الرَّسمِ ، قالَ :
«اِجتَمَعَ إلى إدريسَ عليه السلام قَومُهُ وصَحابَتُهُ ـ وهُوَ يَومَئِذٍ في بَيتِ عِبادَتِهِ مِن أرضِ كوفانَ ـ فَخَبَّرَهُم فيمَا اقتَصَّ عَلَيهِم ، قالَ : إنَّ بَني أبيكُم آدَمَ عليه السلام الصُّلبِيَّةَ ۲ وبَني بَنيهِ وذُرِّيَّتَهُ ، اختَصَموا فيما بَينَهُم ، وقالوا : أيُّ الخَلقِ عِندَكُم أكرَمُ عَلَى اللّهِ عز و جل ، وأَرفَعُ لَدَيهِ مَكانَةً ، وأَقرَبُ مِنهُ مَنزِلَةً ؟
فَقالَ بَعضُهُم : أبوكُم آدَمُ عليه السلام ؛ خَلَقَهُ اللّهُ عز و جل بِيَدِهِ وأَسجَدَ لَهُ مَلائِكَتَهُ ، وجَعَلَهُ الخَليفَةَ في أرضِهِ وسَخَّرَ لَهُ جَميعَ خَلقِهِ . وقالَ آخَرونَ : بَلِ المَلائِكَةُ الَّذينَ لَم يَعصُوا اللّهَ عز و جل . وقالَ بَعضُهُم : لا ، بَل رُؤَساءُ المَلائِكَةِ الثَّلاثَةِ : جَبرَئيلُ ، وميكائيلُ ، وإسرافيلُ عليهم السلام . وقالَ بَعضُهُم : لا ، بَل أمينُ اللّهِ جَبرَئيلُ عليه السلام .
فَانطَلَقوا إلى آدَمَ عليه السلام فَذَكَرُوا الَّذي قالوا وَاختَلَفوا فيهِ ، فَقالَ : يا بَنِيَّ ! أنَا اُخبِرُكُم بِأَكرَمِ الخَلائِقِ جَميعا عَلَى اللّهِ عز و جل ، إنَّهُ ـ وَاللّهِ ـ لَمّا أن نُفِخَ فِيَّ الرّوحُ حَتَّى استَوَيتُ جالِسا ، فَبَرَقَ لِيَ العَرشُ العَظيمُ ، فَنَظَرتُ فيهِ فَإِذا فيهِ : لا إلهَ إلَا اللّهُ ، مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ ، فُلانٌ صَفوَةُ اللّهِ ، فُلانٌ أمينُ اللّهِ ، فُلانٌ خِيَرَةُ اللّهِ عز و جل ، فَذَكَرَ عِدَّةَ أسماءٍ
1.في الطبعة المعتمدة : «وجعل» ، والتصويب من طبعة دار الكتب الإسلامية وبحار الأنوار .
2.في بحار الأنوار : «لصلبه» بدل «الصلبيّة» .