المباهلة (تفصیلی) - الصفحه 85

ثُمَّ رَدَّ المُخاطَبَةَ في أثَرِ هذِهِ إلى سائِرِ المُؤمِنينَ ، فَقالَ : «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ » 1 ؛ يَعنِي الَّذينَ قَرَنَهُم بِالكِتابِ وَالحِكمَةِ وحُسِدوا عَلَيهِما ، فَقَولُهُ عز و جل : «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَ هِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا » ؛ يَعنِي الطّاعَةَ لِلمُصطَفَينِ الطّاهِرينَ ، فَالمُلكُ هاهُنا هُوَ الطّاعَةُ لَهُم .
فَقالَتِ العُلَماءُ : فَأَخبِرنا هَل فَسَّرَ اللّهُ عز و جل الاِصطِفاءَ فِي الكِتابِ ؟
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : فَسَّرَ الاِصطِفاءَ فِي الظّاهِرِ سِوَى الباطِنِ فِي اثنَي عَشَرَ مَوطِنا ومَوضِعا ، فَأَوَّلُ ذلِكَ قَولُهُ عز و جل : «وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » 2 ورَهطَكَ 3 المُخلِصينَ ، هكَذا في قِراءَةِ اُبَيِّ بنِ كَعبٍ ، وهِيَ ثابِتَةٌ في مُصحَفِ عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعودٍ ، وهذِهِ مَنزِلَةٌ رَفيعَةٌ وفَضلٌ عَظيمٌ وشَرَفٌ عالٍ ، حينَ عَنَى اللّهُ عز و جلبِذلِكَ الآلَ ، فَذَكَرَهُ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَهذِهِ واحِدَةٌ .
وَالآيَةُ الثّانِيَةُ فِي الاصطِفاءِ قَولُهُ عز و جل : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » 4 ، وهذَا الفَضلُ الَّذي لا يَجهَلُهُ أحَدٌ إلّا مُعانِدٌ ضالٌّ ؛ لِأَنَّهُ فَضَّلَ بَعدَ طَهارَةٍ تُنتَظَرُ ، فَهذِهِ الثّانِيَةُ .
وأمَّا الثّالِثَةُ فَحينَ مَيَّزَ اللّهُ الطّاهِرينَ مِن خَلقِهِ ، فَأَمَرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله بِالمُباهَلَةِ بِهِم في آيَةِ الاِبتهِالِ ، فَقالَ عز و جل : يا مُحَمَّدُ «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى

1.الأحزاب : ۳۳ .

2.النساء : ۵۹ .

3.الشعراء : ۲۱۴ .

4.رَهطُ الرجلِ : قومه وقبيلته (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۲۸ «رهط») .

الصفحه من 110