بِنتُ كَعبٍ اُمُّ عُمارَةَ ؛ إحدى نِساءِ بَني مازِنِ بنِ النَّجّارِ ، وأَسماءُ بِنتُ عَمرِو بنِ عَدِيِّ بنِ نابِئٍ ؛ إحدى نِساءِ بَني سَلِمَةَ وهِيَ اُمُّ مَنيعٍ .
قالَ : فَاجتَمَعنا فِي الشِّعبِ نَنتَظِرُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، حَتّى جاءَنا ومَعَهُ عَمُّهُ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ ، وهُوَ يَومَئِذٍ عَلى دينِ قَومِهِ ، إلّا أنَّهُ أحَبَّ أن يَحضُرَ أمرَ ابنِ أخيهِ ويَتَوَثَّقَ لَهُ . فَلَمّا جَلَسَ كانَ أوَّلَ مُتَكَلِّمٍ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ ، فَقالَ :
يا مَعشَرَ الخَزرَجِ ـ قالَ : وكانَتِ العَرَبُ إنَّما يُسَمّونَ هذَا الحَيَّ مِنَ الأَنصارِ الخَزرَجَ ؛ خَزرَجَها وأَوسَها ـ إنَّ مُحَمَّدا مِنّا حَيثُ قَد عَلِمتُم ، وقَد مَنَعناهُ مِن قَومِنا مِمَّن هُوَ عَلى مِثلِ رَأيِنا فيهِ ، فَهُوَ في عِزٍّ مِن قَومِهِ ومَنَعَةٍ في بَلَدِهِ ، وإنَّهُ قَد أبى إلَا الاِنحِيازَ إلَيكُم وَاللُّحوقَ بِكُم ، فَإِن كُنتُم تَرَونَ أنَّكُم وافونَ لَهُ بِما دَعَوتُموهُ إلَيهِ ومانِعوهُ مِمَّن خالَفَهُ ، فَأَنتُم وما تَحَمَّلتُم مِن ذلِكَ ، وإن كُنتُم تَرَونَ أنَّكُم مُسلِموهُ وخاذِلوهُ بَعدَ الخُروجِ بِهِ إلَيكُم ، فَمِنَ الآنَ فَدَعوهُ ، فَإِنَّهُ في عِزٍّ ومَنَعَةٍ مِن قَومِهِ وبَلَدِهِ .
قالَ : فَقُلنا لَهُ : قَد سَمِعنا ما قُلتَ ، فَتَكَلَّم يا رَسولَ اللّهِ ، فَخُذ لِنَفسِكَ ولِرَبِّكَ ما أحبَبتَ .
قالَ : فَتَكَلَّمَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَتَلَا القُرآنَ ودَعا إلَى اللّهِ ورَغَّبَ فِي الإِسلامِ ، ثُمَّ قالَ : اُبايِعُكُم عَلى أن تَمنَعوني مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ نِساءَكُم وأَبناءَكُم .
قالَ : فَأَخَذَ البَراءُ بنُ مَعرورٍ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قالَ : نَعَم ، وَالَّذي بَعَثَكَ بِالحَقِّ نَبِيّا ، لَنَمنَعَنَّكَ مِمّا نَمنَعُ مِنهُ اُزُرَنا ، فَبايِعنا يا رَسولَ اللّهِ . ۱
1.السيرة النبويّة لابن هشام : ج ۲ ص ۸۳ ، مسند ابن حنبل : ج ۵ ص ۳۵۸ ح ۱۵۷۹۸ ، تاريخ الطبري : ج ۲ ص ۳۶۱ ، اُسد الغابة : ج ۱ ص ۳۶۵ الرقم ۳۹۲ كلّها نحوه ، كنز العمّال : ج ۸ ص ۲۹ ح ۲۱۷۲۲ نقلاً عن أبي نعيم .