البیعة (تفصیلی) - الصفحه 35

۱۱۳۷۷.الكامل في التاريخ :لَمّا فَشَا الإِسلامُ فِي الأَنصارِ اتَّفَقَ جَماعَةٌ مِنهُم عَلَى المَسيرِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، مُستَخفينَ لا يَشعُرُ بِهِم أحَدٌ ، فَساروا إلى مَكَّةَ فِي المَوسِمِ في ذِي الحِجَّةِ مَعَ كُفّارِ قَومِهِم ، وَاجتَمَعوا بِهِ وواعَدوهُ أوسَطَ أيّامِ التَّشريقِ ۱ بِالعَقَبَةِ .
فَلَمّا كانَ اللَّيلُ خَرَجوا بَعدَ مُضِيِّ ثُلُثِهِ مُستَخفينَ يَتَسَلَّلونَ حَتَّى اجتَمَعوا بِالعَقَبَةِ ، وهُم سَبعونَ رَجُلاً ، مَعَهُمُ امرَأَتانِ : نُسَيبَةُ بِنتُ كَعبٍ اُمُّ عُمارَةَ ، وأَسماءُ اُمُّ عَمرِو بنِ عَدِيٍّ مِن بَني سَلِمَةَ ، وجاءَهُم رَسولُ اللّهِ ومَعَهُ عَمُّهُ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ ، وهُوَ كافِرٌ ، أحَبَّ أن يَتَوَثَّقَ لِابنِ أخيهِ ، فَكانَ العَبّاسُ أوَّلَ مَن تَكَلَّمَ فَقالَ :
يا مَعشَرَ الخَزرَجِ ـ وكانَتِ العَرَبُ تُسَمِّي الخَزرَجَ وَالأَوسَ بِهِ ـ إنَّ مُحَمَّدا مِنّا حَيثُ قَد عَلِمتُم في عِزٍّ ومَنَعَةٍ ، وإنَّهُ قَد أبى إلَا الاِنقِطاعَ إلَيكُم ، فَإِن كُنتُم تَرَونَ أنَّكُم وافونَ لَهُ بِما دَعَوتُموهُ إلَيهِ ومانِعوهُ ، فَأَنتُم وذلِكَ ، وإن كُنتُم تَرَونَ أنَّكُم مُسلِموهُ ، فَمِنَ الآنَ فَدَعوهُ فَإِنَّهُ في عِزٍّ ومَنَعَةٍ .
فَقالَ الأَنصارُ : قَد سَمِعنا ما قُلتَ ، فَتَكَلَّم يا رَسولَ اللّهِ وخُذ لِنَفسِكَ ورَبِّكَ ما أحبَبتَ .
فَتَكَلَّمَ وتَلَا القُرآنَ ورَغَّبَ فِي الإِسلامِ ، ثُمَّ قالَ : تَمنَعُونّي مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ نِساءَكُم وأَبناءَكُم .
ثُمَّ أخَذَ البَراءُ بنُ مَعرورٍ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قالَ : وَالَّذي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَنَمنَعَنَّكَ مِمّا نَمنَعُ مِنهُ اُزُرَنا ، فَبايِعنا يا رَسولَ اللّهِ فَنَحنُ وَاللّهِ أهلُ الحَربِ .
فَاعتَرَضَ الكَلامَ أبُو الهَيثَمِ بنِ التَّيِّهانِ فَقالَ : يا رَسولَ اللّهِ ، إنَّ بَينَنا وبَينَ النّاسِ حِبالاً ، وإنّا قاطِعوها ـ يَعنِي اليَهودَ ـ فَهَل عَسَيتَ إن أظهَرَكَ اللّهُ عز و جلأن تَرجِعَ إلى قَومِكَ وتَدَعَنا ؟

1.في المصدر : «التشريف» ، وما أثبتناه هو الصواب ويؤيّده السياق والنصوص السابقة واللاحقة .

الصفحه من 107