البیعة (تفصیلی) - الصفحه 86

لِباسا ألبَسَكَهُ اللّهُ وتَجعَلَهُ لِغَيرِكَ ، وإن كانَتِ الخِلافَةُ لَيسَت لَكَ ، فَلا يَجوزُ لَكَ أن تَجعَلَ لِيَ ما لَيسَ لَكَ !
فَقالَ لَهُ المَأمونُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، لا بُدَّ لَكَ مِن قَبولِ هذا الأَمرِ .
فَقالَ : لَستُ أفعَلُ ذلِكَ طائِعا أبَدا .
فَما زالَ يَجهَدُ بِهِ أيّاما حَتّى يَئِسَ مِن قَبولِهِ ، فَقالَ لَهُ : فَإِن لَم تَقبَلِ الخِلافَةَ ولَم تُحِب مُبَايَعَتي لَكَ ، فَكُن وَلِيَّ عَهدي لِتَكونَ لَكَ الخِلافَةُ بَعدي .
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : وَاللّهِ ، لَقَد حَدَّثَني أبي عَن آبائِهِ ، عَن أميرِ المُؤمِنينَ ، عَن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أنّي أخرُجُ مِنَ الدُّنيا قَبلَكَ مَقتولاً بِالسَّمِّ مَظلوما ، تَبكي عَلَيَّ مَلائِكَةُ السَّماءِ ومَلائِكَةُ الأَرضِ ، واُدفَنُ في أرضِ غُربَةٍ إلى جَنبِ هارونَ الرَّشيدِ .
فَبَكَى المَأمونُ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، ومَنِ الَّذي يَقتُلُكَ ، أو يَقدِرُ عَلَى الإِساءَةِ إلَيكَ وأَنَا حَيٌّ ؟
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : أما إنّي لَو أشاءُ أن أقولَ مَنِ الَّذي يَقتُلُني لَقُلتُ .
فَقالَ المَأمونُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، إنَّما تُريدُ بِقَولِكَ هذَا التَّخفيفَ عَن نَفسِكَ ، ودَفعَ هذا الأَمرِ عَنكَ ، لِيَقولَ النّاسُ : إنَّكَ زاهِدٌ فِي الدُّنيا .
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : وَاللّهِ ، ما كَذَبتُ مُنذُ خَلَقَني رَبّي عز و جل ، وما زَهِدتُ فِي الدُّنيا لِلدُّنيا ، وإنّي لَأَعلَمُ ما تُريدُ .
فَقالَ المَأمونُ : وما اُريدُ ؟
قالَ : لي الأَمانَ عَلَى الصِّدقِ ؟ قالَ : لَكَ الأَمانُ .

الصفحه من 107